بغداد وواشنطن تواجهان تداعيات فضيحة أخلاقية في الموصل
بغداد وواشنطن تواجهان تداعيات فضيحة أخلاقية في الموصل
الموصل (العراق) - حوّلت الأنباء المتواترة بشأن سقوط العشرات من المدنيين من سكان مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بشمال العراق، التقدّم المتحقّق في معركة استعادة المدينة من تنظيم داعش، من دعاية إيجابية إلى فضيحة أخلاقية لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وللإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الجديد دونالد ترامب التي أرادت أن تجعل من الانخراط بقوّة في تلك المعركة دليلا على حزمها في مواجهة الإرهاب وقدرتها على تحقيق انتصار سريع عليه.
وزاد من وقع الفضيحة كون المجازر المرتكبة بحقّ المدنيين ناتجة عن قرارات عسكرية خاطئة بوحي من القيادة السياسية المتعجّلة في تحقيق النصر، الأمر الذي تطلّب استخدام وسائل غير ملائمة لحرب المدن المكتظة بالسكان من قبيل القصف العشوائي بالمدفعية والطيران الحربي.
وبدا الحرج واضحا من خلال البيانات العسكرية التي حاولت تحميل تنظيم داعش مسؤولية سقوط عدد كبير من سكان الموصل في العملية الجارية في القسم الغربي من المدينة حيث الأحياء السكنية المتراصّة والدور المتداعية أصلا لقدمها.
وفي وقت سابق أقرّ الجيش الأميركي بتنفيذ الغارة الجوية على منازل بحي الموصل الجديدة، ملقيا بالمسؤولية على القوات العراقية التي قال إنّها طلبت منه تنفيذ الضربة التي تسببت في وقوع مجزرة راح ضحيتها العشرات من المدنيين.
وقال في بيان إن 61 جثة انتشلت من تحت أنقاض مبنى فخخه التنظيم المتشدّد في الضفة اليمنى من الموصل لكن لا يوجد ما يشير إلى استهدافه بضربة جوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
واختلف البيان العسكري عن تقارير شهود عيان ومسؤولين محليين قالت إن ما يفوق المئتي جثة انتشلت من تحت أنقاض مبنى منهار بعد ضربة من طيران التحالف.
وسلطت واقعة حي الجديدة الضوء على تعقيد المعارك في غرب الموصل حيث يختبئ مقاتلو الدولة الإسلامية وسط الأسر ويتخذون منها دروعا بشرية مما يعرض للخطر ما يصل إلى نصف مليون شخص لا يزالون داخل مناطق خاضعة لسيطرة المتشددين.
واعترف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويدعم القوات العراقية في وقت سابق بأنه نفذ ضربة على مقاتلين وعتاد لداعش في المنطقة التي تم الإبلاغ فيها عن سقوط قتلى لكنه ما يزال يحقق في الأمر. وقالت قيادة الجيش العراقي إن شهودا قالوا لقواته إن المتشددين فخخوا المباني وأجبروا السكان على الدخول إلى أقبيتها لاستخدامهم كدروع بشرية. وأضافت أن مسلحي داعش أطلقوا النار على القوات من تلك المنازل.
وقالت القيادة إن ضربة جوية للتحالف استهدفت المنطقة لكن فريقا عسكريا لم يعثر على ما يشير إلى أن المبنى المنهار أصيب بالفعل.
وورد بالبيان “تم تشكيل فريق من الخبراء العسكريين من القادة الميدانيين لفحص مكان البيت الذي تناقلت خبره وسائل الإعلام وتبين أنه مدمر بشكل كامل وجميع جدرانه مفخخة ولا توجد أي حفرة دالة على أنه تعرض لضربة جوية ووُجدت بجواره عربة كبيرة منفجرة وتم إخلاء 61 جثة منه”، لكن الأرقام التي ذكرها البيان كانت أقل مما ذكره مسؤولون محليون قال أحدهم إن 240 جثة انتشلت من تحت الركام.
وقال نائب محلي وشاهدا عيان إن الضربة الجوية للتحالف ربما استهدفت شاحنة ملغومة كبيرة مما تسبب في انفجار أدى إلى انهيار المباني. وقال غزوان الداودي رئيس مجلس حقوق الإنسان المحلي في محافظة نينوى إن فريقه قام بزيارة ميدانية وعاين مقتل 173 شخصا.
وكشف تحالف القوى أكبر كتلة سُنية في البرلمان العراقي، أن مجزرة الموصل خلفت 263 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ. وأدان في بيان أصدره الأحد “الاستخدام المفرط للقوة بعمليات تحرير الجانب الغربي من الموصل واللجوء إلى القصف الجوي والصاروخي والمدفعي العشوائي ما تسبب في تدمير منازل المواطنين ومقتل المئات”.
وحمّل رئيس الوزراء حيدر العبادي قادة التحالف الدولي المسؤولية القانونية والأخلاقية في حماية المدنيين مطالبا بأن “لا يكون حسم المعركة في وقت قصير على حساب إزهاق أرواحهم البريئة وهدم منازلهم بما يصب في مصلحة الإرهاب ومخططاته”.
وتمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على الجزء الشرقي من المدينة بالكامل ونحو نصف الجانب الواقع غرب نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى نصفين. لكن سكانا بالآلاف يفرون يوميا من القتال والظروف شديدة الصعوبة داخل المدينة.
وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن تقارير تشير إلى مقتل نحو 700 مدني في ضربات جوية نفذها التحالف الدولي والقوات العراقية أو على يد تنظيم داعش منذ بدء الحملة على غرب الموصل في 19 فبراير الماضي.