بيان لمناسبة الذكرى الأولى لسقوط محافظة نينوى
بيان لمناسبة الذكرى الأولى لسقوط محافظة نينوى
بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسيد أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية لمناسبة الذكرى الأولى لسقوط محافظة نينوى
بسم الله الرحمن الرحيم
أُذِنَ للَّذين يُقاتَلونَ بأنَّهم ظُلِموا وإنَّ الله على نَصرِهِم لَقديرٌ، الذين أُخْرِجوا من ديارِهِم بغيرِ حقٍّ إلاَّ أن يقولوا ربُّنا الله .
صدق الله العظيم
إنـه يوم كارثي أسود ..
فيه طغى وتجبر وأفسد في الأرض من حمل راية الإسلام كذبا ، وأمعن في طعن ثوابت الدين الحنيف ..
فكانت داعش رمزا ، وطاقة عدوانية على الأرض والإنسان ، لم يسلم من شرورها شاخص حضاري ، ولا مقام لنبي ، ولا جامع أو كنيسة ، ولا آثار يمتد زمنها إلى ما قبل التاريخ ، ولم يسلم شيخ أو طفل أو امرأة ، فكانت تدميرا حقيقيا لذاكرة الإنسان وهويته .
ولم يكن الفعل التدميري مختصا بنينوى بل امتد إلى ديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك ، إنه فعل يستهدف الإنسان العراقي في أية بقعة من أرض العراق ، بل يتجاوز ذلك إلى استهداف القيم والمبادئ الإنسانية في العالم أجمع .
وفي هذا اليوم ولمناسبة ذكرى اليوم المشؤوم ، لابد من وقفة شجاعة عمادها معالجة الأخطاء والانطلاق بعزم نحو التحرير .
لقد كانت الآمال كبيرة بعد تشكيل حكومة السيد حيدر العبادي ، وكانت تتسع لتحيط بما يأمله المواطن العراقي في تحقيق نهضة تستجيب لنداء التحرير وتلبي طموحاته في وطن آمن ومستقبل مشرق ، لكن الآمال الكبيرة سرعان ما خبت وتلكأت عبر مسوغات أساسها عدم توفر الثقة والتردد وهواجس أطراف سياسية وضعت العصي في دواليب حركة الحكومة بهدف منعها من تحقيق انجازات على وفق حسابات تبتعد عن حاجات المواطنين وأهدافهم .
لذلك عانت فقرات وبنود الاتفاق السياسي الذي تشكلت الحكومة في ضوئه من ولادة عسيرة لبعضها وما زالت غالبية الفقرات تخضع إلى عمليات جوهرها الالتفاف على المضمون الأصلي لها وفي هذا ضربة للمصالحة الوطنية ، وتقوية للاتجاه المضاد لمصالح المواطنين .
ومن المؤسف أن بعض سياسات الحكومة السابقة بالاستهداف السياسي ما زالت قائمة ، وما زالت أجواء القلق وعدم ثقة مواطني المناطق المحتلة بما ستؤول عليه الأمور قائمة أيضا ، ولابد من تطمينات تضمن عدم عودة المظالم السابقة التي شهدتها هذه المناطق ، وأن يكون قرار المستقبل بيد الحكومات المنتخبة وبما يتفق مع الدستور ، وتوفير مستلزمات التحرير كافة لأبناء المناطق المحتلة ، فالتحرير حق وواجب ، وهم أقدر من غيرهم على تحقيقه ، لأنهم من اكتوى بنار داعش ، وعاش يومها الأسود .
إن معركة تحرير نينوى لم تلق للأسف الاهتمام المطلوب ، ما دفع أبناء الموصل إلى الاعتماد على أنفسهم في تهيئة المتطوعين وفتح معسكرات التحرير ومواصلة التدريب ، دون دعم يرتقي إلى الأهمية الاستثنائية التي تشكلها نينوى ، وبرغم الأصوات التي تعلو ليل نهار بضرورة التسليح والدعم فما يزال التقصير قائما ، بل أن هناك بعض الأصوات الموتورة تحاول التشكيك بالفعل القتالي والاستعدادات لمعسكرات تحرير نينوى ، ما يقدم خدمة مباشرة لأعداء الوطن .
نقول إن تحرير نينوى لن يكون إلا بيد أبنائها ، فهم يمتلكون من القوى البشرية ما يشكل فخرا لتاريخ من المآثر والبطولات ، وهم متحدون في كتائب جاهزة للدفاع عن أرضهم ودحر قوى الظلام التي يمثلها داعش ، إنهم بانتظار السلاح ، بانتظار ما يقوي زندهم في المواجهة المصيرية ، وهي مسؤولية الحكومة ، ومسؤولية قوى الخير التي أجمعت أن داعش تهديد للجميع .
إن مسؤولية سقوط الموصل يتحملها من كان مكلفا بحمايتها ، أما ترك شعب نينوى الأعزل ليواجه قوة سوداء في الوقت الذي تخلت عنه فرق وألوية وأفواج ، فهو أمر يفوق قدرة التفكير السليم على استيعابه أو تبريره بأي شكل من الأشكال ، ولم يكن الأمر مقتصرا على الموصل فما حدث في صلاح الدين والأنبار هو استمرار لذات المنهج الفاشل ، ما يوجب على الحكومة وعلى السيد القائد العام تداركه سريعا ، والعمل على هيكلة الجيش بما يؤهله لأداء واجباته الوطنية المقدسة .
وفي هذه الذكرى الأليمة ، تبرز مأساة النازحين والمهجرين بأقسى صورها ، فهم ضحايا أبرياء يدفعون ثمنا باهضا لرفضهم لداعش ، ويشهدون تقصيرا واضحا من قبل أجهزة الدولة ، وتقصيرا من المجتمع الدولي تجاه ما يعانونه من ظروف صعبة في حياتهم اليومية التي تفتقد أبسط شروط العيش الكريم .
إننا ندرك إن الحل النهائي يكمن في عودتهم إلى مدنهم وقصباتهم بعد دحر داعش ، وإعادة تأهيل البنى التحتية وشروط الحياة لهم ، وهذا يدعونا جميعا إلى التكاتف من أجل القضاء النهائي على الإرهاب ، وفي الوصول إلى هذا الهدف الوطني الكبير لابد من رعاية استثنائية للنازحين للتخفيف من مأساتهم ومعاناتهم .
ونؤكد إن تحرير نينوى يعني كسر ظهر الإرهاب ، ويعني سقوط الهالة المزيفة التي صنعت حول داعش ، لذلك فإن أمام أبناء نينوى الأصلاء مهمة تاريخية سينحني العالم أمامها وهي تخليص المجتمع الدولي من شرور منهج معادٍ للإنسانية .
يا أبناء نينوى الكرام ، يا حاملي راية التحرير ، يا من قبضتم على جمرة النار بأياد مكشوفة ، وقلوب عامرة بالايمان بأن الموصل تمتلك من الأصالة والعزة ما سيخيب آمال داعش ، فقد شهدت مدينتكم في تاريخها العريق ، ما أجبر أعداءها على احترام عزم آبائكم وأجدادكم في الذود عنها .
يومكم الأغر ليس بعيدا ، وسيتحقق بعزمكم وإرادتكم إن شاء الله ..