الصدريون والمالكي وجهاً لوجه.. استجوابات متقابلة لتغيير موازين القوى
الصدريون والمالكي وجهاً لوجه.. استجوابات متقابلة لتغيير موازين القوى
بغداد- الجورنال نيوز - على الرغم من زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لرئيس الوزراء حيدر العبادي قبل عدة ايام وما نتج عنها من تهدئة بين حزب الدعوة والتيار الا ان الخلاف بين اهم اقطاب التحالف الوطني انتقل من الاحتجاجات في الشارع الى مجالس المحافظات والتي تستعد لاستجوابات متقابلة للاطاحة بمحافظين تابعين للكتلتين.
الخلاف بين الغريمين التيار الصدري ودولة القانون بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي يعكس صراعا سياسيا خفيا على مجالس المحافظات التسع التي أسست عام 2013 على وقع اول انقسام شيعي رسمي في العملية السياسية ، اذ انقسمت الاحزاب الشيعية الاساسية الى فريقين، الأول يضم ائتلاف “دولة القانون” بزعامة المالكي، والثاني يضم قوى مناوئة بقيادة مقتدى الصدر.
ويرى محللون سياسيون ان أول رد من ائتلاف القانون على الصدريين بسبب الاحتجاجات التي تعرض لها على يد المتظاهرين جنوب البلاد، بدأ من خلال أعضاء حزبه داخل مجلس محافظة بغداد بالاستعداد لاستجواب المحافظ علي التميمي العضو البارز في التيار الصدري، وبعدها ظهرت حملة ضد محافظ ميسان علي دواي وهو أيضاً عضو في التيار الصدري.
فاضل الشويلي عضو مجلس محافظة بغداد ينتمي إلى التيار الصدري، يقول إن “استجواب محافظ بغداد في الوقت الحالي سياسي وليس مهنياً، أين كانوا في الشهور الماضية؟، ولماذا في هذا التوقيت يريدون استجواب المحافظ”.
ويضيف ان “التحالف بين التيار الصدري وبقية الكتل الأخرى ما زال قويا ويمتلك الأغلبية داخل مجلس المحافظة ولن يستطيع “دولة القانون” إقالة المحافظ من منصبه”.
ولكن عضو “دولة القانون” سعد المطلبي الذي يقود عملية الاستجواب ضد المحافظ، يؤكد ان “عملية استجواب المسؤولين دستورية وقانونية، وإذا كان التيار الصدري متأكداً من مهنية المحافظ فلماذا يخشى الاستجواب؟”.ويستند الاستجواب على عدد من التهم ضد المحافظ، منها فساد إداري ومالي في عدة مشاريع بينها مشروع لإنشاء منظومة أمنية لمراقبة حركة السيارات في العاصمة، ولكن المشروع توقف عن العمل بعد جباية أموال من أهالي بغداد.وجمع “دولة القانون” ومجموعهم (20) عضوا في مجلس المحافظة من أصل (58)، ويحتاج الحصول على نصف عدد الأعضاء لإقالة المحافظ من منصبه.
بعد أيام قليلة تعرض محافظ ميسان علي دواي الى حملة من قبل أعضاء “دولة القانون”، واتهموه بتنظيم تظاهرات ضد المالكي خلال زيارته إلى المدينة مطلع الشهر الماضي ومنعه من تنظيم مؤتمر لشيوخ عشائر مؤيدين لـ “دولة القانون”، ولكن المحافظ علي دواي نفى هذه التهم، وأعلن رفع قضية لدى المحاكم ضد أعضاء في “دولة القانون”.
في المقابل رد التيار الصدري على محاولات “دولة القانون” بالطريقة ذاتها، اذ بدأ اعضاء حزب الصدر التحضير لاستجواب محافظ كربلاء عقيل الطريحي الذي ينتمي الى “دولة القانون” وهو احد المقربين من المالكي.
وفي كربلاء الصورة بالمقلوب اذ يقول عضو مجلس كربلاء ماجد المالكي عن “دولة القانون” ان التيار الصدري يريد استجواب المحافظ للرد على عملية الاستجواب لمحافظ بغداد علي التميمي، وأضاف انه سيفشل في إقالة محافظ كربلاء من منصبه لانه لا يمتلك العدد الكافي من الاصوات داخل المحافظة.
بالعودة الى الوراء قليلا، فان الاحزاب الشيعية التي انخرطت في تحالف موحد بعد عام 2003 لضمان الحصول على اكبر عدد من المقاعد وشكلت مجالس المحافظات التسعة وسط وجنوب البلاد (البصرة، ميسان، الناصرية، المثنى، كربلاء، النجف، واسط، القادسية، بابل) منقسمة بين فريقين متخاصمين، المالكي من جهة، والصدر من جهة ثانية.
وتجدد الخلاف بين الفريقين في الانتخابات التشريعية عام 2014 عندما تحالف الصدر مع احزاب ضد المالكي، ونجحوا في إبعاده من السلطة لصالح زميله في الحزب حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي.
والآن تنشغل الأوساط السياسية المحلية والدولية بالإجابة عن سؤال خطر، ما مستقبل الصراع داخل البيت الشيعي بعد الانتهاء من تنظيم “داعش”؟.
ويؤكد مراقبون ان الحرب ضد داعش ساهمت طيلة العامين الماضيين في توحيد الأحزاب والفصائل الشيعية في قوات الحشد الشعبي ، ولكن اقتراب هذه الحرب من نهايتها يثير القلق حول مصير المستقبل السياسي في المحافظات الجنوبية والوسطى .
الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية، الحكومة، والبرلمان) اتفقت على تأجيل انتخابات مجالس المحافظات الى عام 2018 بسبب سيطرة “داعش” على مدن لن يستطيع سكانها المشاركة في الاقتراع، بالإضافة إلى ملايين النازحين عن مدنهم لن يتمكنوا من الانتخاب، وكذلك انشغال الحكومة بالمعركة ضد المتطرفين.
ولكن تأجيل الانتخابات قد يؤدي إلى صراعات سياسية جديدة ، يسعى ائتلاف “دولة القانون” القريب من قوات “الحشد الشعبي” الى تغيير مجالس المحافظات الحالية قبل الانتخابات، بينما يسعى التيار الصدري وحلفاؤه للحفاظ على الأوضاع الراهنة.
والتطور الجديد في المشهد الشيعي هو إن فصائل الحشد الشعبي التي تشكلت بعد عام 2014 لمحاربة “داعش”، وخاضت معارك شرسة ونجحت في تحرير العديد من المدن باتت تمتلك نفوذا شعبيا وطموحات سياسية، وأصبحت منافسا للأحزاب التقليدية التي تراجعت شعبيتها كثيرا، اذ يحمّل الناخبون الشيعة هذه الاحزاب مسؤولية الفقر والبطالة في مدنهم بعد 2003.
الشيء المؤكد ان الانتخابات المقبلة ستكون الأكثر أهمية وخطورة منذ عام 2003، فهو اول اقتراع سيجري بعد “داعش”، كما ان التنافس على مقاعد المحافظات سيكون أقسى من التنافس على مقاعد البرلمان لان العراق مقبل على نظام لا مركزي عبر قانون المحافظات الذي سيمنح السلطات المحلية صلاحيات امنية وسياسية وإدارية واقتصادية أوسع من الحكومة في بغداد.