العراق: حلفاء المالكي يرفضون عودته إلى رئاسة الحكومة
العراق: حلفاء المالكي يرفضون عودته إلى رئاسة الحكومة
العربي الجديد - علمت "العربي الجديد" من مصادر قيادية داخل "التحالف الوطني" الحاكم في العراق، أن اتفاقاً شبه نهائي حصل بين كتل "التحالف" الرئيسية على منع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من الوصول إلى سدة الحكم مرة أخرى، في الوقت الذي بدأت فيه أطراف سياسية داخل حزب "الدعوة" بطرح فكرة انتخابات داخلية، ما يعني وجود رغبة في استبدال المالكي الذي يرأس الحزب منذ نحو 10 سنوات. وتأتي التطورات الجديدة بعد ساعات قليلة من وصول زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر إلى بغداد قادماً من النجف، ولقائه رئيس الوزراء حيدر العبادي داخل المنطقة الخضراء، في أول لقاء يجمع الطرفين منذ فبراير/شباط 2016، وجرى في مرقد ديني شمالي العاصمة بغداد.
وكشف قيادي بارز في "التحالف الوطني" لـ"العربي الجديد"، أن "الكتل الرئيسية في التحالف توصّلت إلى اتفاق نهائي على عدم السماح للمالكي باعتلاء سدة الحكم مرة أخرى، وذلك رداً على تحركات الأخير في المحافظات الجنوبية ومحاولته استخدام ورقة الحشد الشعبي في خلافاته السياسية مع باقي الكتل"، موضحاً أن "أكثر من مسؤول إيراني اعتبر أن المالكي انتهى دوره القيادي، كما أن هناك فيتو من دول عربية وأخرى أوروبية على التعامل معه".
تلك المعلومات أكدها مسؤول في الحكومة العراقية في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، موضحاً أن "ما جرى ليس اتفاقاً رسمياً بالمعنى الحرفي، لكنه توافق بين الكتل بهذا الشأن، وتم تناول ذلك في اجتماعات جانبية بين قادة التحالف أخيراً". ولفت إلى أن "الكتل التي توافقت على هذا القرار هي التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، وبدر بزعامة قائد مليشيا بدر هادي العامري، وكتلة الإصلاح بزعامة وزير الخارجية الحالي إبراهيم الجعفري، وكتلة الفضيلة بزعامة عمار الطعمة، فضلاً عن شخصيات أخرى داخل التحالف". وأكد أن هذا القرار "لم يعلن ولن يعلن رسمياً، لكنه خطوة استباقية رداً على تحركات المالكي بين فترة وأخرى لمحاولة إزاحة العبادي من خلال دعواته لإعلان حكومة طوارئ يكون هو رئيسها، ومرة من خلال محاولته تسلم قيادة مليشيات الحشد كلها أو بعض فصائلها، وأخرى بحراكه غير المريح في الجنوب".
ويتألف "التحالف الوطني" الحاكم من عدة كتل وأحزاب سياسية تشكّلت في تحالف جديد بعد تفكك الائتلاف الوطني السابق في العام 2009. وخاض هذا التحالف انتخابات عام 2010 وحصل على المرتبة الثانية بعد فوز ائتلاف "العراقية" بزعامة إياد علاوي. إلا أن حكماً قضائياً في تفسير مادة بالدستور العراقي تتعلق بالمقصود في مصطلح الكتلة الأكبر التي لها حق تشكيل الحكومة ما إذا كانت الأكبر داخل البرلمان أو الأكبر انتخابياً، أفضى إلى تشكيل الحكومة من قِبل "التحالف الوطني" وهو ما أثار انتقادات واسعة داخل وخارج البلاد، وتسلّم على إثرها المالكي رئاسة الحكومة لولاية ثانية. ويُتهم المالكي بالمسؤولية عن جرائم تطهير طائفي بحق العراقيين وتورطه بنهب المال العام وفقدان نحو 600 مليار دولار من أموال النفط وتوسيع النفوذ الإيراني في البلاد وتورطه بسقوط 32 مدينة عراقية شمال وغرب البلاد بقبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
أما عن زيارة الصدر إلى بغداد، فقال حسين البصري، أحد أعضاء التيار الصدري عن محافظة البصرة، إنه تم الاتفاق على تهدئة الأوضاع في الجنوب بعد تداعيات زيارة المالكي الأخيرة وتعرضه للقذف بالحجارة والأحذية من قبل متظاهرين رافضين له. وأكد أن "الصدر سيدين الاعتداء على المالكي وحزب الدعوة، لكنه سيطالب بعدم الاعتداء على المتظاهرين أو ملاحقتهم قانونياً كما أعلن حزب الدعوة ذلك في وقت سابق"، لافتاً إلى أن "الصدر سيلتقي قيادات وزعامات التحالف الوطني الأخرى خلال زيارته إلى بغداد التي تستمر خمسة أيام". وكانت الحكومة العراقية قد أفادت في بيان صدر صباح الإثنين، بأن العبادي استقبل في مكتبه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجرى تناول جملة من القضايا السياسية والأمنية في البلاد والحرب ضد تنظيم "داعش"، من دون ذكر أي تفاصيل أخرى. إلا أن مصادر داخل مكتب رئيس الوزراء أكدت لـ"العربي الجديد" أن "الصدر وصل إلى بغداد لبحث تصعيد المالكي الأخير"، مشيرة إلى أن "الطرفين يعملان على تهدئة الموقف في الظرف الحالي".
في هذه الأثناء، أوردت تقارير عراقية محلية أن العبادي يعتزم تشكيل كتلة سياسية جديدة والانسلاخ عن كتلة "دولة القانون" التي يتزعمها المالكي، مع التأكيد أنه سيبقى عضواً فاعلاً في حزب "الدعوة الإسلامية". ووفقاً للتقارير، فإن الكتلة التي أطلق عليها اسم كتلة "التحرير والبناء"، بدأ العبادي العمل عليها مع فريق من مستشاريه، من خلال التحرك باتجاه شخصيات أكاديمية وعلمية من السنّة والشيعة بهدف خوض الانتخابات المقبلة عبرها، وهو ما يؤكد رغبة العبادي في الحصول على ولاية ثانية في حال حصل على النصاب القانوني المطلوب، كما يعكس حقيقة الخلاف الحالي بينه وبين المالكي الطامح بالعودة إلى رئاسة الوزراء.