إجبار نازحي الأنبار في مخيمات بغداد على العودة إلى ديارهم المحررة رغم الدمار الذي حلّ فيها
إجبار نازحي الأنبار في مخيمات بغداد على العودة إلى ديارهم المحررة رغم الدمار الذي حلّ فيها
بغداد ـ الموصل ـ «القدس العربي»: أكد نازحون من الأنبار في مخيمات بغداد، ان الاجهزة الأمنية أمرت جميع النازحين من المناطق المحررة في الانبار، بمغادرة العاصمة والعودة إلى مناطقهم حتى وإن كانت مدمرة.
من جهة أخرى أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة عن افتتاحها مخيمين جديدين لاستقبال النازحين من الموصل والمناطق المحيطة بها.
وذكر مواطنون في مدينتي الرمادي والفلوجة لـ«القدس العربي» انهم كانوا ضمن موجات النازحين الذين توجهوا إلى بغداد هرباً من المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «الدولة» في مدن الانبار، وبقوا لأكثر من سنتين في مخيمات النازحين.
وذكرت المصادر انه بعد تحرير العديد من مناطق المحافظة وخاصة مركزها الرمادي والفلوجة، أبلغت الشرطة الاتحادية إلى مخيمات النازحين في بغداد مؤخراً، القادمين من المدن المحررة بضرورة مغادرة المخيمات والعودة إلى مناطقهم حتى وإن كانت مدمرة وتنقصها الخدمات.
وأكد المدرس محمد العبيدي من الرمادي في اتصال هاتفي مع الصحيفة، ان المدينة بعد تحريرها، مدمرة بشكل شبه كامل، وتفتقد العديد من احيائها الخدمات الاساسية كالكهرباء والماء والمجاري، ولا توجد مراكز صحية او دوائر خدمية ومعظم مدارسها مدمرة، كما تنتشر انقاض المباني في الشوارع والاحياء والكثير منها فيه مخلفات مقذوفات حربية غير منفجرة اضافة إلى قيام التنظيم المتطرف بزرع ألغام في الكثير من البيوت والشوارع. وكانت المصادر الرسمية في محافظة الانبار قدرت الدمار في الرمادي بنسبة 75 ٪ من المدينة، وان الخدمات الاساسية فيها دون الحد الادنى المطلوب.
وأشار إلى ان المنطقة التي يسكنها في الرمادي لا تصلح للسكن وخاصة مع بدء موسم الشتاء والامطار التي ستغرق منطقتهم، لذا كان يرغب بالبقاء في مخيم السلام للنازحين في بغداد حتى يتم تأهيل الحي الذي يسكن فيه، ولكنهم فوجئوا بقدوم الشرطة الاتحادية التي ابلغتهم بوجوب مغادرة كل سكان الرمادي والفلوجة والمدن المحررة الاخرى، للعاصمة العراقية والعودة إلى مدنهم بعد تحريرها.
واعرب حماد الجميلي من الفلوجة، عن الاسف لقيام الشرطة بإجبار سكان مخيمات النازحين في بغداد، بمغادرة تلك المخيمات والعودة إلى مناطقهم المحررة في الانبار.
واشار الجميلي إلى ان الحكومة لم تقم بإعادة تأهيل الاحياء كافة في الفلوجة كما ان الخدمات الاساسية ناقصة، مشيراً إلى ان المدرسة القريبة من منزلهم قد تم تدميرها بشكل كامل، واصبح عليه أخذ ابنائه إلى مدارس بعيدة، مؤكداً ان الكثير من العائلات الفقيرة فضلت ان يترك ابناؤها المدارس لعدم القدرة لديهم على تحمل نفقات ارسالهم إلى مدارس بعيدة اضافة إلى الخوف على الابناء في التنقل في طرق وشوارع مليئة بالانقاض ومخلفات المعارك.
واكد مدير مخيم السلام في جنوب بغداد حكمت زيدان لـ«القدس العربي» ان اكثر من 1300 عائلة من نازحي الانبار وصلاح الدين قد غادرت المخيم مؤخراً وعادت إلى مناطقها المحررة بناءً على توجيهات الجهات المسؤولة.
واشار إلى ان الكثير من العائلات النازحة في المخيم لم تكن راغبة بالعودة إلى مناطقها المحررة في الوقت الحاضر وكانت تفضل البقاء لفترة بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية فيها.
وذكر بعض سكان المخيم للصحيفة ان بعض اقاربهم من النازحين من مدينة الرطبة غرب الأنبار، عادوا إلى مدينتهم بعد تحريرها، ولكن تنظيم «الدولة» عاد واحتل المدينة مؤخراً بعد انسحاب القوات الأمنية منها، حيث ارتكب جرائم اعدام واسعة بحق اهلها كما اختطف 30 من رجال الرطبة واخذهم معه عند انسحابه واعدمهم امام الناس في مدينة القائم الحدودية مع سوريا.
واكدوا ان هذه الحادثة جعلت النازحين الآخرين الذين ينوون العودة إلى الرطبة يرفضون مغادرة المخيم خوفاً من تكرار هجوم التنظيم عليه.
وأكد النازحون في المخيمات ضمن العاصمة العراقية، انهم يأسفون لأنهم يعاملون وكأنهم مشبوهون ولا تريد السلطات الأمنية بقاءهم في عاصمتهم بل تريد ابعادهم عنها في أسرع وقت، في الوقت الذي تسمح فيه بتدفق ملايين الأجانب اليها اثناء الزيارات الدينية المختلفة. وشدد النازحون على ان رغبتهم في العودة إلى ديارهم الاصلية اكيدة ولكن عندما تكون الظروف الأمنية والخدمية مناسبة للعودة والاستقرار.
من جهة أخرى أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن افتتاحها مخيمين جديدين لإيواء العائلات النازحة من مدينة الموصل والمناطق المحيطة بها، مع تصاعد موجات النزوح من المدينة نحو المخيمات المكتظة بالنازحين.
وذكر بيان لبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، «في الأسبوع الماضي، افتتحت المفوضية مخيم العلم بالقرب من تكريت الذي يستقبل حالياً 180 عراقياً مع توقع المزيد من الواصلين الجدد». وأضاف انه «من المقرر أن يتم افتتاح مخيم أمالا، بالقرب من تلعفر غرب الموصل، في الأسبوع المقبل، ومع المخيمين الجديدين، سيرتفع مجموع عدد المواقع التابعة للمفوضية التي تستقبل النازحين جراء الهجوم على الموصل إلى ستة مواقع».
ولفت البيان إلى ان «قرار فتح المخيمين الجديدين أتى مع وصول قدرة استيعاب المواقع القائمة إلى حدها الأقصى، فالمخيمات التي تديرها أو تدعمها المفوضية قد امتلأت، وهي تحذر من أن المساحة قد نفدت في المخيمات لإيواء العائلات النازحة إلا في حال تم إيجاد مواقع جديدة قريباً».
وكان وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد، اعلن من اربيل مؤخراً، وصول عدد العراقيين النازحين الذين فروا من القتال في مدينة الموصل وضواحيها إلى حوالي 80 ألفاً. وضمن السياق، أكدت نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في بغداد ستيفاني وليامز ان الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت أنها ستقوم بتقديم ما يزيد على 181 مليون دولار كمساعدات مالية إضافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية للنازحين بسبب العمليات العسكرية الخاصة بتحرير مدينة الموصل. واشارت وليامز في مؤتمر صحافي في بغداد، إلى أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى العراق منذ مطلع شهر كانون الثاني/يناير لعام 2014 وحتى الآن تجاوز المليار دولار.
وتسعى الحكومة العراقية إلى تشجيع سكان الموصل إلى عدم مغادرة مناطقهم رغم المعارك الجارية فيها لتحريرها من تنظيم «الدولة»، وذلك لعدم توفر الامكانيات الاغاثية في مخيمات النازحين المكتظة بالنازحين، ولمحاولة منع حدوث كارثة انسانية في حالة نزوح اكثر من مليون من سكان المدينة التي احتلها التنظيم في 2014.