تركيا تسحب مدفعيتها الثقيلة من بعشيقة.. وتواصل تعزيز قواتها قرب الحدود العراقية
تركيا تسحب مدفعيتها الثقيلة من بعشيقة.. وتواصل تعزيز قواتها قرب الحدود العراقية
الشرق الاوسط - كشف مسؤول عراقي رفيع المستوى عن قيام تركيا بسحب مدفعية ثقيلة كانت تحتفظ بها في معسكر بعشيقة قرب مدينة الموصل في إطار المفاوضات الجارية بين البلدين حاليا في وقت لا تزال تثير مخاوف بغداد من خلال تعزيز قواتها العسكرية قرب الحدود بين البلدين. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «المفاوضات الجارية الآن بين العراق وتركيا هي تجديد لمفاوضات سابقة بين البلدين، لكنها تعثرت بعد دخول قوات تركية إلى معسكر بعشيقة لتدريب عناصر حشد عشائري من أهالي الموصل يشرف عليها أسامة النجيفي، نائب الرئيس العراقي، وشقيقه أثيل محافظ نينوى السابق»، مشيرا إلى أن «الأجواء التي تسير بموجبها المفاوضات جيدة رغم أن الجانب العراقي لا يريد أنصاف حلول، بل يريد سحب القوات التركية من داخل الأراضي العراقية، وهو ما ترفضه أنقرة حتى الآن»، وهو ما يثير مخاوف بغداد لجهة ما تسعى إليه تركيا في مرحلة ما بعد القضاء على «داعش» في الموصل.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي استجاب مؤخرا إلى طلب تقدم به شيوخ ووجهاء قضاء تلعفر المتنازع عليه بين التركمان السنة والشيعة بعدم دخول «الحشد الشعبي» إلى تلعفر وإسناد المهمة للجيش العراقي، وهو ما عده المراقبون المتابعون للشأن السياسي العراقي بمثابة رضوخ للضغوط التركية. وفي مقابل ذلك، وطبقا لما يقوله المسؤول العراقي، فإن «الأتراك وربما كجزء من حسن النية قاموا بسحب المدفعية الثقيلة التي كانت موجودة في المعسكر المذكور، ولكن لا أعرف إلى أين نقلوها، بينما باقي القوات التركية المقاتلة فهي بعيدة عن المعسكر تقريبا منذ البداية».
وبشأن ما إذا كان كافيا لتبديد مخاوف بغداد سحب المدفعية الثقيلة، قال المسؤول العراقي إن «لدى الأتراك في الوقت نفسه قوات كثيرة على الحدود تستطيع الوصول إلى أطراف الموصل خلال 6 ساعات». لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي والقيادي في التحالف الوطني الشيعي عباس البياتي، أكد من جانبه أن «الجانب التركي أغلق جميع الأبواب بوجه أي محاولات للتوسط والحوار والتقرب مع العراق»، لافتا إلى أن «العراق لم يغلق أي باب بوجه الوساطات وتقريب وجهات النظر». وأضاف أن «العراق يحاول الابتعاد عن التصعيد ولا يريده، ويحاول العمل على استمرار العلاقات الثنائية»، مؤكدا أن «بوابة هذا الأمر بيد الجانب التركي من خلال سحب قواته المقاتلة من الأراضي العراقية». وبيّن أن «تركيا لم تظهر نية حسنة من خلال سحب قواتها من الأراضي العراقية، والتعامل بشكل مباشر مع السلطة الاتحادية في العراق».
وكان وزير الدفاع التركي، فكري إيشيق، أعلن أن بلاده مستعدة لأي احتمال فيما يتعلق بالملف العراقي. وقال في تصريحات صحافية أمس إنه «بالتزامن مع المحادثات الدبلوماسية (مع بغداد وأربيل)، تركيا تستعد لأي احتمال، وأن الزيارة التي أجراها رئيس الأركان التركي، خلوصي أكار، وقادة الجيش إلى الحدود مع العراق أمس، ينبغي قراءتها في هذا الإطار». وحول معسكر بعشيقة داخل الأراضي العراقية، الذي تتواجد فيه قوات تركية، قال الوزير التركي: «نحن في تركيا نحترم تمامًا سلامة أراضي العراق وسيادته، ونعتبر أي نجاح للعراق على أنه نجاح لتركيا، وسبب وجودنا في بعشيقة هو تدريب العناصر المحلية من أجل مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، وفي الوقت نفسه منع الإرهاب من استهداف تركيا انطلاقًا من تلك المنطقة».
في السياق نفسه، أكد السفير العراقي لدى أنقرة، هشام العلوي، أنه «أبلغ الجانب التركي بضرورة تجنب التصريحات التي تزيد من حدة التوتر بين البلدين، واعتماد القنوات الدبلوماسية والقنوات المباشرة والحوار البناء للوصول إلى حلول مرضية للطرفين وتجاوز المشكلات العالقة على أساس مبادئ حسن الجوار واحترام القوانين الدولية». وأضاف العلوي، أن «العراق حريص على علاقاته الجيدة مع الجارة تركيا، وهي علاقات متنوعة ومهمة للبلدين، كما أن هناك مصالح مشتركة، ويمكن التعاون لدفع الأخطار عن البلدين، ومنها في المجالين الأمني والعسكري، ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال مفاوضات مباشرة يتم فيها الاتفاق على التفاصيل بشكل يحترم سيادة العراق ومبادئ حسن الجوار». وتابع أنه «تبيّن للجانب التركي أن الحكومة العراقية وصلت إلى مرحلة متقدمة في إعداد خطة تحرير الموصل ومناطق نينوى، وتعتمد الخطة بشكل رئيسي على استخدام القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر».