صراع معصوم والمالكي قد يؤجل الانتخابات العراقية
صراع معصوم والمالكي قد يؤجل الانتخابات العراقية
العربي الجديد - في الوقت الذي تتداول فيه أوساط سياسية وبرلمانية العراقية أنباء عن احتمال تأجيل الانتخابات المحلية في العراق، المقرر إجراؤها العام المقبل، ودمجها بالانتخابات البرلمانية التي ستجرى مطلع عام 2018، تؤكد مصادر سياسية عراقية أن أسباب المطالبة بالتأجيل تعود إلى صراع بين الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ونائبه نوري المالكي، بعد أن طرح كل منهما مشروع قانون انتخابات جديد.
قانون على مقاس المالكي
بدأ "ائتلاف دولة القانون"، والذي يتزعمه نوري المالكي، منذ يوم السبت حراكاً برلمانياً واسعاً، بهدف الترويج لقانون جديد تم طرحه على البرلمان. وفيما أكد متابعون أن هذا القانون يمثّل محاولة لإعادة المالكي لرئاسة الحكومة، لأنه يخدم سياسيين محددين، ويحرم آخرين من الوصول إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، طالب برلمانيون من "ائتلاف دولة القانون"، بتأجيل الانتخابات المحلية لإنضاج قانون الانتخابات. وقال مصدر مطلع في البرلمان العراقي، إن اللجنة القانونية البرلمانية تسلّمت مشروع قانون للانتخابات العراقية المحلية والاتحادية مقدّماً من "دولة القانون"، موضحاً أن القانون المقترح الجديد اسمه "سانت ليغو المعدل". وأضاف أن "المادة الأولى من القانون المقترح توضح أن التعديل الذي حصل هو تغيير في الأرقام التي تقسم عليها الأصوات التي يحصل عليها المرشحون". وأشار إلى أن القانون الجديد المقترح يرجّح فوز التحالفات الكبيرة والمتوسطة المائلة للكبيرة، بمقاعد البرلمان، فيما يستبعد التحالفات والأحزاب المتوسطة والصغيرة، لافتاً إلى أن المالكي هو المستفيد الأكبر من هذا القانون، لأنه يمتلك الائتلاف الأكبر في العراق. وأشار إلى قيام نواب من "ائتلاف دولة القانون" بالترويج لمشروع القانون الجديد.
من جهته، قال الخبير في القانون الدستوري، علي المعيني، إن مخرجات قانون "سانت ليغو المعدل"، تصب في مصلحة ائتلاف المالكي، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأحزاب والتحالفات الكبيرة هي وحدها المستفيدة من هذا القانون. وأشار إلى أن المرحلة السابقة أثبتت أن "ائتلاف دولة القانون" هو الأكبر بسبب تقدّمه في نتائج الانتخابات، على الرغم من اتهامه بالتزوير في أكثر من مناسبة، لافتاً إلى أن الكتل السياسية المؤيدة للقانون الجديد المقترح، ستعمل على تأجيل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل، لفسح المجال للحراك الذي يقوم به برلمانيون للترويج لمقترح القانون. وفي سياق متصل، دعت عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون"، فردوس العوادي، إلى تأجيل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها مطلع عام 2017، ودمجها مع الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في بداية عام 2018، موضحة في بيان أن "تأجيل انتخابات مجالس المحافظات ودمجها بالانتخابات البرلمانية، لا يتقاطع مع روح قانون الانتخابات، والذي يسمح باتخاذ عدة طرق لتحقيقها بصورة قانونية ورسمية بشكل يحفظ مبادئ الديمقراطية والشفافية والعدالة". وأشارت إلى أن التأجيل سيؤدي إلى إنضاج قانون الانتخابات للدورات الانتخابية المقبلة، داعية البرلمان إلى تجاوز الخلافات، والنظر إلى مصلحة العراق.
تسابق على الأصوات
ما إن قدّم "ائتلاف دولة القانون" مقترحه لقانون الانتخابات الجديد حتى أرسل الرئيس العراقي فؤاد معصوم مشروع قانون الانتخابات الذي أعدّه إلى البرلمان بهدف مناقشته وإقراره، بحسب المصدر البرلماني ذاته الذي تحدث لـ"العربي الجديد". وأكد المصدر أن صراعاً غير مسبوق يدور الآن داخل البرلمان بين فريقي المالكي ومعصوم، بهدف جمع الأصوات اللازمة لإقرار أحد القانونين. وحصل "العربي الجديد" على نسخة من مشروع القانون الذي قدّمه معصوم ووصل إلى البرلمان أمس السبت، على شكل كتاب رسمي موجّه من مكتب رئيس الجمهورية. وأشارت ديباجة مشروع القانون إلى أنه أُعد وفقاً للمادتين 61 و73 من الدستور العراقي، ومنح في مادته السابعة رئيس الجمهورية حق تحديد موعد الانتخابات بمرسوم جمهوري بعد موافقة مجلس الوزراء، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. كما منعت المادة التاسعة من القانون المقترح المنتمين السابقين لحزب "البعث" المحظور من المشاركة في الانتخابات، ومنح في مادته العاشرة المكوّنات والكرد الفيليين 9 مقاعد برلمانية من مجموع 328 مقعداً في مجلس النواب العراقي. أما آلية توزيع المقاعد البرلمانية فقد تم تحديدها في المادة الثالثة عشرة من القانون التي تشير إلى أن ثلثي المقاعد في المحافظة توزع بالأغلبية، والثلث المتبقي يوزع بالتمثيل النسبي بطريقة "هوندت". يُذكر أن نظام "هوندت"، يعتمد على تقسيم الأصوات الصحيحة لكل محافظة على عدد المقاعد المخصصة لها، ومن ثم تقسيمها على أساس الأصوات الحقيقية والصحيحة لكل حزب سياسي على عدد هذه المقاعد.
اتفاق رئاسي ينتظر التنفيذ
وفي سياق المساعي لتأجيل الانتخابات، أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق، أن الرئاسات العراقية الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان)، أبلغتها باتخاذ قرار بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 20 إبريل/نيسان 2017. وأكد رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية، وائل الوائلي، في بيان، أن المفوضية تلقت كتاباً رسمياً من رئاسة الجمهورية، يشير إلى اتفاق الرئاسات الثلاث على تأجيل الانتخابات المحلية، ودمجها مع الانتخابات البرلمانية التي ستجرى عام 2018. إلى ذلك، قال عضو مجلس مفوضية الانتخابات، صفاء الموسوي، إن المفوضية خاطبت البرلمان لإعلامه بكتاب رئيس رئاسة الجمهورية، لأن المفوضية خاضعة لإشراف مجلس النواب، مشدداً على ضرورة الاستماع لرأي البرلمان، بشأن تأجيل الانتخابات. وكان المتحدث باسم المفوضية، مقداد الشريفي، قد قال في وقت سابق، إن المفوضية في موقف حرج لا تحسد عليه، بسبب عدم تزويدها بالميزانية المخصصة لإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري.
صراع سياسي وخلاف برلماني
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، إن موقف المفوضية المنحاز لخيار تأجيل الانتخابات قد يكون متأثراً برأي "دولة القانون" ورئيسه نوري المالكي، والذي أسس مفوضية الانتخابات الحالية عام 2013. وأكد العيداني لـ"العربي الجديد"، أن المالكي يحاول استغلال نفوذه السياسي والبرلماني لتمرير قانون الانتخابات الجديد الذي طرحه، مبيناً أن الصراع احتدم وأصبح على أشده بعد إرسال معصوم قانوناً مماثلاً إلى البرلمان، وطلب منه التصويت عليه. وأشار إلى وجود تسابق بين القيادات السياسية، لخوض صراعات انتخابية مبكرة، تضمن بقاءهم ضمن حلقة النخبة السياسية الحاكمة في العراق، والتي لا ترتضي تغييرها على الرغم من مرور العراق بأربع تجارب انتخابية برلمانية، وثلاث تجارب انتخابية محلية. ولم تقتصر الأزمة السياسية على الصراع بين معصوم والمالكي حول قانون الانتخابات، بعد ظهور بوادر أزمة جديدة داخل البرلمان العراقي، بسبب الدعوة لتأجيل الانتخابات. وكشف مصدر برلماني عراقي لـ"العربي الجديد"، عن وجود خلاف عميق داخل رئاسة البرلمان، المكوّنة من الرئيس سليم الجبوري، ونائبيه آرام شيخ محمد، وهمام حمودي، لافتاً إلى أن شيخ محمد اعترض على موافقة الجبوري على قرار الرئاسات الثلاث بتأجيل الانتخابات من دون الرجوع إلى هيئة رئاسة البرلمان. واعتبر شيخ محمد أن الدعوة لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات من دون أسباب موضوعية، غير مجدية ولا تخدم العملية السياسية.