معركة الموصل: العبادي يخسر القيادة لصالح المليشيات
معركة الموصل: العبادي يخسر القيادة لصالح المليشيات
العربي الجديد - كشفت استعدادات معركة الموصل التي باتت على الأبواب، حالة من الصراع وتنازع صلاحيات القرار العسكري لقيادة دفّتها، ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن تتولى القيادة العامة للقوات المسلّحة والمتمثّلة بقائدها حيدر العبادي مسؤولية القرار العسكري بشكل كامل، بدت خيوط المعركة خارجة من يد العبادي، بعد أن استطاع قادة مليشيات "الحشد الشعبي" مع قادة من التحالف الوطني الحاكم في البلاد، الانفراد بالقرار وتحريك قطعات من الجيش نحو الموصل وفقاً لما يرونه مناسباً لأجندتهم. ومع العد العكسي لإطلاق المعركة، بات العبادي الحلقة الأضعف بين رؤوس قيادات المعركة، ولا يملك سوى إعلان ساعة الصفر. وبخطوات واثقة يعقد قادة مليشيات "الحشد الشعبي" اجتماعات لوضع اللمسات الأخيرة على خطة المعركة المثيرة للجدل. وبزعامة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي تُبحث خطوات "الحشد" وتحرّك القطعات العسكريّة وفق خطة وُضعت، على ما يبدو، سلفاً، من دون علم ولا حضور ولا حتى رأي رئيس الحكومة حيدر العبادي. استعدادات المعركة أشّرت إلى انفراد واضح لقادة المليشيات بدفّة قيادتها، بعد أن فرضوا سيطرتهم على مفاصل وزارتي الدفاع والداخلية واللتين بقيتا من دون وزير، لتتحكّم المليشيات بالقرار الذي لا يملك العبادي منه سوى الشكل فقط من دون المضمون. وتثير هذه المعطيات مخاوف مسؤولين عراقيين ومراقبين للشأن الأمني الذين رصدوا خططاً لرسم تحركات عسكرية طائفية في الموصل وفي المدن العراقية الأخرى، ستتيح للمليشيات الانفراد بملفها الأمني بعد خلوّها من القوات النظامية.
وكشف ضابط في وزارة الدفاع العراقيّة، أنّه "مع اقتراب معركة الموصل، يُجري قادة الحشد الشعبي اجتماعات يوميّة في ما بينهم، وبحضور المالكي وفي بعض الأحيان يحضرها رئيس التحالف الوطني عمّار الحكيم، لوضع الخطط العسكرية للتحركات وتوزيع القطعات وفقاً لرؤيتهم الخاصة ولما يرونه مناسباً لتحقيق أهدافهم". وأضاف الضابط الذي رفض كشف اسمه، أنّ "العبادي بات بحكم المعزول عن تلك الاجتماعات وهو لا يحضرها، بينما أحكمت المليشيات سيطرتها على وزارتي الدفاع والداخلية لترسم تحركات القطعات العسكرية كما تشاء"، كاشفاً أنّ "قادة الحشد أصدروا أخيراً توجيهاتهم بتحريك بعض القطعات العسكرية من شمال بغداد ومن محافظتي ديالى وصلاح الدين نحو الموصل". وأشار إلى أنّ "تلك التحركات اتُخذت من دون الرجوع إلى العبادي، الأمر الذي يكشف مدى تحكّم قادة الحشد بالقرار العسكري". في غضون ذلك، أعلنت مليشيات "الحشد" عن "اجتماع لقادتها لوضع اللمسات الأخيرة لمعركة الموصل". وقالت المليشيات، في بيان، إنّ "قيادة الحشد والتي تمثّلت بنائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس عقدت اجتماعاً مع القيادات الأمنيّة"، مبينة أنّ "الاجتماع بحث وضع اللمسات الأخيرة لمعركة الموصل والاستعدادات العسكرية لها".
من جهته، انتقد النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي، "إخراج قطعات الجيش من محافظة ديالى". وقال الدهلكي، في حديث لـ"العربي الجديد": "إنّنا سبق واتفقنا مع رئيس الحكومة على إبقاء قطعات الجيش في ديالى لإمساك ملفها الأمني، ولعدم انفراد المليشيات بالملف، وتعهّد لنا العبادي بذلك، وأكد عدم إخراج الجيش"، مشيراً إلى أنّ "قرار إخراج القطعات كان مفاجئاً لنا وعلى خلاف ما نتوقع، الأمر الذي سيؤثّر سلباً على أمن محافظة ديالى". ولفت إلى عدم "علمه بمصدر قرار إخراج القطعات"، مطالباً العبادي بـ"ضرورة الوقوف على مصدر القرار ومنعه، لكي لا يتسبب بفراغ أمني وانتكاسة جديدة في المحافظة". أما عضو تحالف القوى عن محافظة نينوى، وصال سليم، فدعت الحكومة ورئيسها حيدر العبادي، إلى أن "تكون على قدر المسؤوليّة في قيادة معركة الموصل، وإدارة خططها". وقالت سليم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّه "يتحتم على الحكومة ورئيسها السيطرة على التحركات العسكرية والاستعدادات لمعركة الموصل، والسيطرة على تحركات الحشد الشعبي قبل وخلال المعركة"، مشدّدة على "ضرورة أن تمسك الحكومة بخيوط المعركة ولا تترك المجال للجهات الأخرى للتحكم بسير وخطط المعركة". بينما رأى الخبير الأمني رافع سلمان، أنّ "زمام معركة الموصل بدا خارجاً من يد العبادي، وأنّه لا يستطيع السيطرة على قادة المليشيات الذين تسلّطوا وتحكّموا بالقرار السياسي والأمني في البلاد". وقال سلمان، إنّ "معركة الموصل تحمل في طيّاتها أطماعاً كبيرة للمكوّنات والمليشيات والأحزاب العراقية، وإنّ كافة تلك الجهات تخطط لتحقيق أجندتها الخاصة في هذه المحافظة"، موضحاً أنّ "قادة التحالف الوطني ومنهم قادة الحشد استطاعوا السيطرة على وزارتي الدفاع والداخلية والانفراد بقيادتهما، وذلك للسيطرة على قرار معركة الموصل". وأشار إلى أنّهم "نجحوا بذلك، وهذا واضح، من خلال تحكمهم بسير القطعات والاستعدادات والتخطيط للمعركة، في وقت نرى فيه العبادي شبه مهمّش"، محذّراً من "خطورة ذلك، ما ينذر بوقوع معركة انتقامية في الموصل تُحرق فيها الأرض ويُعامل المدنيون خلالها معاملة تنظيم داعش".