صفقة نفط عراقية برعاية أميركية تنقذ خطة معركة الموصل
صفقة نفط عراقية برعاية أميركية تنقذ خطة معركة الموصل
ميدل ايست أونلاين - بغداد - قال دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء في قطاع النفط إن الدبلوماسية المكوكية التي قام بها مبعوث الولايات المتحدة إلى التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية أدت إلى إبرام اتفاق نفطي بين العراق وإقليم كردستان له أهمية في معركة حاسمة منتظرة مع تنظيم الدولة الإسلامية. وقالت المصادر إن الاتفاق الخاص بتقسيم إيرادات النفط المبرم في أغسطس آب له أهمية حيوية لحمل الحكومة المركزية وحكومة الإقليم على تنسيق التخطيط من أجل الهجوم هذا الشهر على معقل التنظيم في الموصل التي تحاصرها قوات البشمركة الكردية من ثلاث جهات. وتنقل بريت مكغورك جيئة وذهابا بين اربيل عاصمة إقليم كردستان العراقي والعاصمة العراقية بغداد بدءا من النصف الأول من ابريل نيسان وبلغت جولاته ذروتها في لقاء عقد في اربيل في 19 يونيو حزيران مع مسعود البرزاني رئيس حكومة إقليم كردستان وفلاح فياض مستشار الأمن القومي العراقي. وقال مصدر رفيع على صلة وثيقة بالأكراد إن البرزاني "التقى مكغورك وقال "لا يمكن أن نقدر على الموصل، فنحن نحتاج النفط والإيرادات. ولولا مكغورك لما كانت هذه الصفقة على الإطلاق". ويقع في إقليم كردستان عدد من حقول النفط الرئيسية في شمال العراق غير أن خلافا على إيرادات الصادرات طال أمده وأصبح نزاعا متشابكا.
وفي أوائل عام 2014 خفضت بغداد الأموال المخصصة لإقليم كردستان الذي بدأ آنذاك تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي. وفي مارس آذار توقفت شركة نفط الشمال التابعة للدولة في العراق عن ضخ النفط الخام عبر الخط من الحقول التي تديرها في كركوك وكانت خاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان منذ انهيار قوات الأمن العراقية قبل عامين عندما اجتاح مقاتلو تنظيم الدولية الإسلامية ثلث مساحة العراق. وخفضت هذه الخطوة إيرادات النفط للإقليم الكردي بنحو الربع مما زاد أزمة الميزانية سوءا في أربيل وسط انخفاض أسعار النفط والاشتباكات مع الجهاديين. ويعتمد العراق والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة على تعاون الأكراد في استرداد الموصل من الجهاديين والقضاء على دولة الخلافة التي أعلنوها. وبالنسبة لواشنطن فإن هزيمة الدولة الإسلامية من الأهداف الرئيسية لسياستها الخارجية في الفترة الثانية من حكم الرئيس باراك أوباما الذي سيترك منصب الرئيس في يناير كانون الثاني المقبل. وتحقق تقدم في أغسطس آب صوب الاتفاق الرامي لإعادة تدفق النفط من حقول كركوك حيث تظهر تصريحات علنية أن مكغورك زار رئيس الوزراء حيدر العبادي في بغداد في 11 أغسطس آب وبعد يومين اجتمع مع نيجيرفان البرزاني وفياض في أربيل. وتقول مصادر في أربيل إن حكومة إقليم كردستان أبلغت مكغورك وبغداد أنها خسرت إيرادات قيمتها نحو مليار دولار منذ مارس آذار إذ أن حقل كركوك كان يعيد ضخ حوالي 150 ألف برميل يوميا في باطن الأرض بدلا من تصديرها مع بقية إنتاج إقليم كردستان البالغ نحو 450 ألف برميل يوميا إلى الأسواق العالمية عن طريق تركيا.
ودفع ذلك كل الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق نهائي أعلن في أعقاب اجتماع عقد في 29 أغسطس آب في بغداد بين العبادي ومكغورك والبرزاني. وبمقتضى الاتفاق يتم تصدير ما يصل إلى 150 ألف برميل يوميا من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي على أن تقتسم حكومة إقليم كردستان وبغداد الإيرادات مناصفة. وأدى ذلك إلى تحاشي انقسام أكبر في إقليم كردستان نفسه. فقد كانت السلطات المحلية التي تحكم كركوك من مدينة السليمانية تطلب شحن النفط إلى إيران بدلا من شحنه إلى تركيا وهو ما رفضته حكومتي أربيل وبغداد وكذلك واشنطن. وقال دبلوماسي غربي رفيع في بغداد إن انفراج الموقف ساهم في بدء حوار منفصل حول ترتيبات القوات لمعركة الموصل والحدود الداخلية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. وقال دبلوماسي غربي كبير إنه منذ إبرام اتفاق كركوك تعهد الأكراد بصفة غير رسمية بإبقاء قوات البشمركة خارج مدينة الموصل نفسها مع السماح للعراقيين باستخدام الأراضي التي يسيطرون هم عليها في الوقت الحالي حول المدينة في إعداد القوات للهجوم الأمر الذي سمح بالتعجيل بالتخطيط للمعركة. ويبدو الآن أن الجيش العراقي سيبدأ الزحف على الموصل بنهاية أكتوبر تشرين الأول وهو أمر لم يكون متصورا قبل بضعة أشهر. وزار البرزاني بغداد الأسبوع الماضي للمرة الأولي منذ أكثر من ثلاث سنوات في مؤشر على تحسن العلاقات. ولمكغورك الذي درس القانون دور في بعض من أصعب النزاعات في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين عام 2003. وقد ساعد بوصفه مستشارا لسلطات الاحتلال في صياغة دستور مؤقت والإشراف على انتقال الحكم إلى حكومة عراقية مؤقتة.
ونادى مكغورك بزيادة أعداد القوات الأميركية وهي السياسة التي ينسب إليها الفضل جزئيا في وقف العنف الطائفي الذي بلغ ذروته في العراق في عامي 2006 و2007. وعندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية ثلث الأراضي العراقية في منتصف عام 2014 لعب دورا رئيسيا في الدفع برئيس الوزراء العبادي إلى السلطة لمعالجة هذا الخطر. وفي السنة الأخيرة جاب مكغورك الذي تعذر الاتصال به للحصول على تعليق منه مختلف أنحاء العالم لتنفيذ سياسة إدارة أوباما الرامية لإنزال الهزيمة بالجهاديين بما في ذلك الحفاظ على وحدة العراق الذي يقول بعض المراقبين إنه أكثر انقساما من أي وقت مضى. وقالت متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد ردا على سؤال عن الاتفاق النفطي "نحن ننسب للحكومة العراقية الفضل كله في هذا الاتفاق". وسئل توني بلينكن نائب وزير الخارجية الأميركي خلال زيارة الشهر الماضي إلى بغداد عن هذا الأمر فقال إنه متفائل بما بذل من جهود في الأسابيع الأخيرة. وقال متحدث باسم العبادي إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لعبا "دورا لا يمكن إنكاره" في تشجيع الحوار بين بغداد واربيل فيما يتعلق بالصادرات من كركوك. التي رفعت مستوى الثقة وساهمت في تحقيق تقدم في قضايا أخرى.