هل تكون معركة نينوى أول امتحان لصلابة علاقة بغداد وأربيل؟
هل تكون معركة نينوى أول امتحان لصلابة علاقة بغداد وأربيل؟
شفق نيوز/ ما إن اختتم بارزاني زيارته لبغداد الخميس، حتى عقد التحالف الوطني أول اجتماع تاريخي له الجمعة، عاد الصدر به إلى صفوف التحالف، وأعلن العبادي خلاله أن معركة “الموصل” باتت وشيكة. فقد أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي السبت 1 أكتوبر/تشرين الأول في لقاء للتحالف لم يحصل منذ 2010، أن “المعركة المنتظرة لتحرير مدينة الموصل أصبحت قريبة جدا، وعلى الأبواب”. وقال العبادي إن “اجتماع التحالف الوطني جزء من التحشيد السياسي من أجل الخروج من الأزمات التي يمر بها العراق”، وفي اللقاء ذاته، الذي غاب عنه نوري المالكي وشهد عودة التيار الصدري بعد انقطاع عدة أشهر، أعلن رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم عودة الصدريين إلى صفوف التحالف الوطني. وأعلن جعفر الموسوي ممثل التيار الصدري، في اجتماع التحالف الوطني، عن التوصل إلى توافق تام بين أطراف التحالف على ورقة “إصلاحية” قدم التيار فيها 14 فقرة إصلاحية لمسيرة الكتلة. وقد يعني إعلان العبادي عن قرب “معركة الموصل”، خلال الاجتماع، أن “الإعلان والعودة من تداعيات الزيارة”، وإن صح ذلك، مع غياب المالكي عن اللقاء وعدم لقائه بارزاني، قد يعني أن الزيارة لم تصب في صالح رئيس الوزراء السابق.
فهل أعاد اتفاق بغداد- أربيل الجديد، الاتفاق المبرم سابقا والذي تم بعد انتخابات 2010، والذي نقضه المالكي؟، وهل سيعيد الاتفاق المياه لمجاري العملية السياسية من جديد؟ وهل سيعود التحالف الوطني لتماسكه القديم؟ وهل سيحصل الأمر ذاته للتحالف الكوردستاني؟ وهل سيعود التحالف بين الوطني والكوردستاني؟ وهل سيقرب اتفاق بغداد – أربيل الجديد موعد انطلاق معركة تحرير الموصل؟، وإن كان الجواب بنعم على هذه الاسئلة، فربما خسر المالكي رهانه بتقارب الحكومتين بعد أن سعى لتفكيك تحالفهما. هذه أسئلة جوهرية ومنطقية، لأن نقض المالكي لاتفاق أربيل 2010 في ولايته الثانية، أدى تدريجيا لتفكيك التحالف بين التحالف الوطني والكوردستاني من جهة، وانطلقت بعدها شرارة بداية تفكك كل من التحالف الوطني والتحالف الكوردستاني من جهة أخرى، ثم ضرب قادة العراقية واحدا تلو الآخر. فبدأ المالكي بالهاشمي وثنى برافع العيساوي وثلث بأحمد العلواني، حتى انتهت ولاية المالكي الثانية بضرب حراك شعبي شهدته محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، ثم سقطت هذه المحافظات أخيرا بيد داعش. ورغم إعلان العبادي أن معركة نينوى باتت وشيكة، إلا أنه من السابق لأوانه الجزم بنعم على كل ألاسئلة. ذلك أن إعلان العبادي عن قرب الموعد ليس جديدا، وهو قد تعود القول بذلك منذ نهاية 2014، خاصة وأن المعركة دولية أكثر منها محلية. وعودة المياه لمجاريها داخل صفوف التحالف الوطني لاتزال منوطة بتطبيق شروط الصدر، وهذه العودة قد تكون رد فعل على الزيارة، أي أنها من تداعيات الزيارة السلبية وليس الإيجابية.
والسبب، هو أن العراق على أبواب نهاية عصر داعش، الذي قد يبشر بانهيار التحالفات القديمة وبروز تحالفات جديدة، وعودة التحالف الوطني، إن تزامن معها أو بعدها عودة التحالف الكوردستاني أيضا، قد تعني العودة للمربع صفر وليس العكس. وهذا يعني أن يد المالكي ربما ليست بعيدة عن ردة الفعل المعاكسة لزيارة بارزاني، وربما حاول المالكي بنقض اتفاق أربيل 2010 تفكيك التحالف الكردستاني، أكثر منه تفكيك التحالف الوطني، وإن عاد التحالف الوطني اليوم ولم يعد التحالف الكردستاني فربما انتصر المالكي في تحقيق هدفه وليس العكس. ومع ذلك فإن التحالف الكوردستاني قد يعود من جديد مثل نظيره الوطني. لكن عودة التحالف الكوردستاني، إن حصلت، ستعود بين الاتحاد الوطني والديموقراطي الكوردستاني، وعودة التحالف الوطني بقيادة عمار الحكيم وليس بقيادة المالكي أو الجعفري، قد تعني عودة بنمط تحالف حجر أساسه تحالف بين المجلس الأعلى والاتحاد الوطني، الذي كان قائما قبل 2003، وهو نمط آخر مختلف عن نمط التحالف الرباعي الذي أعلن في يوليو/تموز 2007 وانتهى بعد 2010. وإن تعززت هذه العودة بتنفيذ اتفاق أربيل 2010 والمادة 140 من الدستور، وبتحالف حكومي بين بغداد وأربيل خارج غطاء التحالفات السياسية، وخارج خلافات الحشد الشعبي والبيشمركة، فإن المالكي قد يعد خاسرا بعودة تحالفات قديمة بثوب جديد. وإن حصل ذلك، فهذا يعني أن علاقة حكومتي المركز والإقليم ستحتاج لمزيد من الترسيخ بعد التفكك حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وربما يكون تحرير “الموصل” أول امتحان للاتفاق الجديد. وإن نجح الاتفاق بتجاوز معركة “الموصل”، فإن امتحان ما بعد التحرير سيكون أشد صعوبة من امتحان المعركة ذاتها، لأن المحافظة على النجاح أصعب من تحقيقه، وإن صح ذلك فإن الأولوية ستنصب بعد المعركة على ترسيخ وإنجاح الاتفاق أكثر من غيره.
وهذا من شأنه أن يجعل بغداد بعد عصر داعش متعبة ومشغولة في أكثر من ملف، فضلا عن بروز إشكالات غير متوقعة، خصوصا وأنه حذر أكثر من مرة من الانقلاب على العملية السياسية بعد داعش، وكان آخرها خلال احتفالية داعمة للقوات المسلحة والحشد الشعبي أقامتها عشائر المسعود في محافظة كربلاء، وهذا من شأنه أن يجعلها في وضع جيوسياسي مشابه لوضع بغداد بعد إسقاط النظام السابق. ومن تداعيات هذه القراءة أن تخلق فراغا سياسيا كبيرا في المحافظات التي تحررت من داعش، والتي ستكون في أمس الحاجة لإعمار وعودة النازحين. وقد يدفع هذا الفراغ السياسي نخب هذه المحافظات وكتلها السياسية إلى تكرار ما فعله الكرد في شمال العراق بعد سقوط بغداد، فقد شكلوا مجلسا كرديا ومفوضية انتخابات وأجروا انتخابات تحت رعاية دولية. وأمر حصل في العراق مرة، قد يتكرر أخرى بعد تحرير الموصل.