شروط الصدر تعصف بالتحالف الوطني وتهدِّد جهود توحيد الكتلة الشيعيّة
شروط الصدر تعصف بالتحالف الوطني وتهدِّد جهود توحيد الكتلة الشيعيّة
المدى برس/ بغداد - تهدّد الورقة التي قدمها الصدر كشرط لعودته الى "البيت الشيعي"، بنسف التحالف الوطني من الداخل، نظراً للخلافات العميقة التي أثارتها بين الكتل والتي توصف بأنها تعجيزية.
وتواجه أطراف التحالف الوطني حرجاً بالغاً لقائمة الاسماء التي يطالب الصدر باستبعادها ومحاكمتها لتورطها بقضايا فساد. كما يطالب الصدر بتحديد مرجعية دينية، وهي أحد الالغام التي تضمنتها الورقة.
ورغم الخلافات التي تدور داخل التحالف الوطني، إلا أنّ مقربين من رئيس المجلس الأعلى بدوا اكثر تفاؤلا وهم يتحدثون عن التوصل الى صيغ ترضية لبعض فقرات ورقة الصدر.
ويكشف المجلس الاعلى، الذي يقود تلك المفاوضات، أن الاتفاق جرى على اعتماد مرجعية السيستاني، مع إعطاء الحق للمرجعيات الاخرى بإبداء الرأي. ويؤكد الاتفاق حول جميع النقاط بضمنها "رئاسة التحالف".
إلى ذلك ترجح جبهة الإصلاح، الكتلة المعارضة في البرلمان، ان يسعى التحالف الوطني، بعد اتفاقه الاخير، الى إيقاف الاستجوابات، لا سيما مساعي اقالة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري. متوقعة تزايد الانقسام داخل التحالف الوطني.
وأنهى التيار الصدري، الجمعة، مقاطعته لاجتماعات التحالف الوطني، التي استمرت نحو 7 أشهر، بعد ان وصفه زعيمه مقتدى الصدر بـ"التخالُف"، واتهمه بحماية الفساد، ومعارضة الإصلاحات.
وقدم التيار 14 شرطا للتحالف الوطني، لتنفيذها ضماناً لعودتهم إلى الاجتماعات من جديد، أبرزها طرد الفاسدين، ووجوب ان يكون هناك غطاء مرجعي داخل العراق.
وكانت مصادر قد استبقت اجتماع التحالف الوطني، قبل يوم من انعقاده، وكشفت لـ(المدى) عن الورقة التي قدمها وفد الصدر الى الحكيم كشرط لعودة التيار الصدري الى "البيت الشيعي".
ورجحت المصادر ان يقبل الحكيم تلك الشروط، فيما نفت اطراف حزب الدعوة ان تكون شروط الصدر "تعجيزية".
وعقد قادة التحالف الوطني، مساء الجمعة، اجتماعاً بحضور رئيس الحكومة حيدر العبادي، وعمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني، ورؤساء الكتل السياسية في البرلمان كالفضيلة، والتيار الصدري، وتيار الإصلاح، ودولة القانون.
وقال الحكيم، خلال مؤتمر صحفي مشترك بعد اجتماع التحالف الوطني، ان "التيار الصدري قدم ورقة تتضمن عدة نقاط حيوية، وتمت مناقشتها اليوم في الاجتماع، وأجريت عليها تعديلات من قبل كامل قوى التحالف الوطني، لذا قرر التيار الصدري العودة إلى اجتماعات التحالف الوطني".
وأكد الحكيم أن "التحالف الوطني عاد لتماسكه، وبهذه الخطوة (عودة التيار الصدري) وسيستمر التحالف بعقد اجتماعاته بصورة منتظمة، وسيتداول جميع الملفات والقضايا السياسية في البلاد".
من جهته، صرح العبادي خلال المؤتمر أن "خطوة عودة التيار الصدري إلى اجتماعات التحالف الوطني، هي خطوة نحو مزيد من التحشيد لتحقيق الانتصارات".
وقدم العبادي شكره لمقتدى الصدر وقال "وجهنا دعوات للتلاحم الوطني وترك الخلافات السياسية، وأشكر مقتدى الصدر على تعاونه في هذا الإطار".
بدوره قال النائب جعفر الموسوي، رئيس الوفد التفاوضي للتيار الصدري "نحن تحركنا بورقة بتوجيه من مقتدى الصدر، تضم 14 فقرة إصلاحية لمسيرة التحالف الوطني، وتم تداولها مع جميع كتل التحالف الوطني".
وأضاف الموسوي ان "رئاسة التحالف الوطني دعت اليوم إلى اجتماع طارئ، ونوقشت خلاله الورقة وتم التوصل إلى اتفاق بشأنها"، دون توضيح تفاصيل الاتفاق.
كواليس الاجتماع الطارئ
وكشف نائب مطلع على كواليس المفاوضات مع الوفد الصدري، عن ان الاخير "لديه قائمة باسماء بعض الشخصيات التي يطالب بابعادها من العملية السياسية باعتبارهم فاسدين". ورفض النائب الكشف عن تلك الاسماء لحساسية المعلومات.
ووصف المصدر الرفيع في دولة القانون، الذي تحدث لـ(المدى) شريطة عدم ذكر اسمه، الخلافات داخل التحالف الوطني بـ"العميقة"، مرجحا ان "تهدد تلك الخلافات بقاء التحالف".
ونصت الفقرة (تاسعا) في ورقة الصدر على "طرد الفاسدين من داخل التحالف الوطني بعد ثبوت الادلة عليهم" قبل طرد من هو خارج على التحالف.
وينفي المصدر ان يكون التيار الصدري يطالب باعتماد مرجعية النجف كمرجعية واحدة للعودة اليها في القضايا الستراتيجية، ورأى ان "التيار الصدري يريد فتح باب التدخل لجهات دينية قد لاتؤمن أساسا بالعمل السياسي".
وبشأن الفقرة (اولا) التي تدعو لتحديد "غطاء مرجعي"، قال صلاح العرباوي، مستشار رئيس المجلس الاعلى، بان "هذا طلب من التيار الصدري وليس من المرجعية، والامر متروك لقرار الاخيرة".
واضاف العرباوي، في تصريح لـ(المدى) امس، ان "هناك اتفاقاً على اعتماد اطراف التحالف الوطني لمرجعية السيستاني، مع اعطاء مرونة لآراء بقية المرجعيات"، عازيا ذلك الى انه "ليس كل اطراف التحالف الوطني من مقلدي مرجعية السيستاني".
واشار مستشار الحكيم الى ان "الرجوع للمرجعية سيكون في القضايا المهمة فقط، كاختيار رئيسي الوزراء والتحالف الوطني".
وفي ما يتعلق في الفقرة (سادسا)، المتعلقة بتشكيل التحالف الوطني لحكومة تكنوقراط مستقلة وبإشرافه، فيقول العرباوي تم تعديل الفقرة "ليكون المعيار في اعتماد الوزراء هو الكفاءة والتخصص".
وتابع العرباوي بالقول "تم الاتفاق ايضا على عدم السماح لاي تجاوز على سيادة البلاد، بدلا عن (دول الاحتلال) لعدم وجود احتلال في العراق باستثناء القوات التركية التي لايوجد توصيف لها حتى الآن".
ونصت الفقرة (ثامنا) على أن "دول الاحتلال دول معادية، لا يمكن التحاور معها إلا بعد مراجعة المراجع المتفق عليها".
ولفت مستشار الحكيم الى تعديل الفقرة (رابعا)، المتعلقة بإبعاد رئاسة التحالف الوطني عن الحزب الذي يعين رئيس الوزراء، "باستبدال كلمة الحزب بالجهة".
لكن المصدر الرفيع أكد لـ(المدى)، "تأجيل آلية اختيار رئيس التحالف، لحين كتابة النظام الداخلي"، مشيرا الى ان "التيار الصدري يرفض قيادة بعض الشخصيات للتحالف الوطني".
وكانت أطراف التحالف الوطني قد توصلت الى اتفاق، مطلع ايلول الماضي، انتخب بموجبه الحكيم رئيسا برئاسة دورية تستمر عاماً كاملا. وتحدثت اوساط عن امكانية ان يخلف المالكي الحكيم، وهو ما يثير حفيظة التيار الصدري.
ويضم التحالف الوطني 183 نائبا، وتحظى كتلة دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، بـ105 نواب، تليها كتلة الاحرار الصدرية بـ34 نائبا، وتليها كتلة المواطن، بزعامة الحكيم، بـ29 نائبا، ثم تيار الإصلاح، بزعامة إبراهيم الجعفري، والفضيلة الاسلامي، بـ6 نواب لكل منهم، بالاضافة الى اعضاء آخرين.
تعطيل الاستجوابات
بدوره يقول النائب علي البديري، رئيس كتلة حزب الدعوة تنظيم الداخل، ان "التحالف الوطني سيقف ضد الاستجوابات".
وأضاف البديري، وهو عضو في جبهة الإصلاح، في تصريح لـ (المدى) امس، ان "التحالف الوطني منقسم، وان الحكيم يحاول تلميع صورة التحالف قبل الانتخابات".
وإذ تقترب جبهة الإصلاح من استجواب وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، يقول البديري ان "سحب الثقة عن الجعفري سيزيد الانقسام داخل التحالف الوطني".
ورأى عضو كتلة الدعوة – تنظيم الداخل ان "التيار الصدري سيفقد شعبيته اذا ما قرر الانضمام الى التحالف الوطني"، عازيا ذلك الى ان "التحالف فقد مصداقيته بين الجمهور".