مع اقتراب معركة لاستعادة المدينة تنظيم «الدولة» يحفر خندقا حول الموصل
مع اقتراب معركة لاستعادة المدينة تنظيم «الدولة» يحفر خندقا حول الموصل
بغداد ـ من أحمد رشيد: يحفر تنظيم الدولة الإسلامية خندقا حول الموصل في شمال العراق استعدادا لمعركة طويلة وصعبة ضد القوات الحكومية العراقية المدعومة من الولايات المتحدة لاستعادة المدينة. وسقطت المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة في قبضة التنظيم المتشدد في عام 2014 في تقدم خاطف وسيكون الهجوم لاستعادتها أكبر معركة يخوضها التنظيم. ويقول سكان إن المقاتلين يغلقون أحياء بكاملها ويحفرون شبكة من الأنفاق في المدينة لتعطيل تقدم القوات الحكومية.
وعمل التنظيم جاهدا هذا الشهر على حفر خندق باتساع مترين حول المدينة ووضع خزانات نفط بالقرب منها لعمل نهر من النيران يعطل تقدم القوات ويحجب الرؤية عن طائرات الاستطلاع وفقا لما ذكره مسؤولون عسكريون عراقيون كبار وسكان من الموصل ومسؤولون محليون خارج المدينة.
ويمكن أن تبدأ معركة استعادة الموصل في وقت قريب قد يكون خلال الشهر المقبل. وفقد التنظيم المتشدد مساحات كبيرة من الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا المجاورة في عام 2014.
وأبدى المتشددون مقاومة عنيفة ضد هجمات على بعض من الأراضي التي يسيطرون عليها خلال العامين الماضيين لكنهم لم يبدوا مقاومة تذكر في مناطق أخرى مما أثار الجدل بشأن كيف سيتصدون لهجوم على الموصل.
وتشير أنشطة التنظيم في الفترة الأخيرة إلى أنهم سيتشبثون بالمدينة ويخوضون معركة طويلة ودموية قد تؤدي إلى تشريد أعداد كبيرة من المدنيين.
وقال صباح النعماني المتحدث باسم قوة مكافحة الإرهاب المتوقع أن تتقدم الهجوم «خنادق النفط والأنفاق والهجمات الانتحارية لن تنقذ تنظيم الدولة من الهزيمة لكنها ستجعل من المعركة أكثر صعوبة».
وأضاف «نحن واثقون من أن تنظيم الدولة سيقاتل حتى آخر عنصر من عناصره لكي يبقى في الموصل».
وهناك منفذ من الخندق على مشارف المدينة من جهة الغرب ليتمكن المقاتلون من التسلل عبرها إلى الصحراء وإلى سوريا لتوحيد صفوفهم إذا ما قرروا في نهاية الأمر تسليم الموصل. وتقع الموصل الغنية بالآثار الإسلامية قلب حدود الدولة التي كان يسعى التنظيم لإقامتها. وفي المسجد الرئيسي بالمدينة أعلن أبو بكر البغدادي عام 2014 عن تأسيس دولة خلافة تمتد على مساحات كبيرة من أراضي العراق وسوريا.
وقال المحلل واللواء السابق بالجيش العراقي جاسم البهادلي إنه مع بقاء العديد من سكان المدينة بداخلها أصبح المدنيون مصدر قلق للذين يخططون للهجوم المزمع. ويزيد وضع مستودعات النفط حول مناطق سكنية من خطر أن تضرم غارات جوية نيرانا ضخمة فيها.
وإضافة إلى الخندق أظهرت صور التقطها السكان أن المتشددين أغلقوا أحياء في وسط المدينة بإقامة جدران أسمنتية فوق بعضها البعض في الطرق الرئيسية.
وقال مسؤولون محليون وسكان إن عشرات الشاحنات شوهدت في وقت سابق هذا الشهر تحمل حواجز مماثلة إلى المطار على المشارف الجنوبية للبلاد والتي قد تكون نقطة دخول للقوات المهاجمة.
وقال العقيد محمد عدنان الطائي من الجيش العراقي إن المتشددين يستخدمون الجدران لجعل مطار الموصل غير مؤهل لهبوط طائرات فيه.
وكانوا استخدموا الأسلوب نفسه قبل فرارهم من قاعدة القيارة الجوية على مسافة 60 كيلومترا جنوبي الموصل والتي تساعد الولايات المتحدة في تجهيزها لاستخدامها كمركز لوجيستي في عملية الموصل.
*شبكة الأنفاق
تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مرارا باستعادة الموصل بحلول نهاية العام وأشار قادة عراقيون إلى أن الهجوم الرئيسي قد يبدأ بحلول النصف الثاني من شهر أكتوبر تشرين الأول لكن مازالت هناك بعض الشكوك بشأن ما إذا كانت القوات المطلوبة ستكون جاهزة.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد اجتماعه مع العبادي في نيويورك الاثنين إنه يأمل في إحراز تقدم بحلول نهاية العام وقال قائد عسكري أمريكي بارز في وقت لاحق إن القوات العراقية ستكون جاهزة بحلول أكتوبر/تشرين الأول لكن تحديد الموعد أمر يرجع للعبادي. وشنت القوات العراقية عملية امس الثلاثاء لاستعادة بلدة الشرقاط الشمالية وهي خطوة على الطريق في حملة الموصل.
وقال عبد الرحمن الوكاع عضو المجلس المحلي إن تكتيكات تنظيم الدولة الإسلامية تشير إلى أن التنظيم يعمل جاهدا على تعطيل تقدم القوات الحكومية. ويقول شهود من الموصل إن المتشددين يعملون جاهدين على شق الأنفاق وهو أسلوب استخدموه في السابق في شن هجمات على القوات العراقية وتخزين الإمدادات والاختباء من الغارات الجوية.
وقال أحد السكان من حي سومر في جنوب شرق الموصل «استطيع أن أرى الدواعش يحفرون الأنفاق في كل مكان ويغطون مداخلها بأغطية المجاري. الحي الذي يقع فيه بيتي أصبح جزءا من شبكة أنفاق تمتد إلى الأجزاء الأخرى من المدينة».
وأشارت لقاءات عبر الانترنت مع خمسة من سكان الموصل بعضهم مازال داخل المدينة إلى أن التنظيم يحكم قبضته في محاولة لتجنب الاستياء الشعبي والانتكاسات العسكرية بما في ذلك اغتيال كبار القادة. وزادت عمليات تفتيش المنازل في الشهرين الماضيين لملاحقة مقاتلين أعلنوا ولاءهم للتنظيم لكن يبدو أنهم انشقوا.
وقال العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة إن عناصر المخابرات في الموصل تقدم إحداثيات دقيقة لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية ولتنفيذ اغتيالات ضد التنظيم.
ودعا العبادي هذا الأسبوع سكان الموصل للوقوف في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية قبيل الهجوم المرتقب.
وقال في مؤتمر صحافي في بغداد «هدفنا تحرير أهل الموصل.. ونطلب أن يقوموا بعمل كاف لزعزعة الدواعش وإخراجهم من الموصل أو قتلهم». وأضاف «وهذا يسهل عمل القوات الأمنية ويقلل خسائرهم بشكل كبير».(رويترز)