جهازا الأمن الوطني والمخابرات يهددان سُنّة العراق بالاعتقال
جهازا الأمن الوطني والمخابرات يهددان سُنّة العراق بالاعتقال
بغداد ـ «القدس العربي»: لم يعد القتل والتهجير القسري في العراق فحسب يهددان أمن المدنيين السُنّة في العراق، إذ برزت مشكلة جديدة تكاد تكون هي الأخطر على حياتهم تتمثل في انتشار مفارز تابعة لجهازي المخابرات والأمن الوطني في شوارع العاصمة بغداد وبالقرب من مداخل المناطق والأحياء ذات الكثافة السُنيّة تسمى بسيطرات تدقيق الحاسوب الأمني لتسهيل عمليات الاعتقال على الهوية بتهمة الإرهاب. عثمان بشار العاني أحد ضحايا هذه المفارز، بعد إعتقاله لعام كامل في السجون العراقية بسبب تشابه اسمه مع شخص متهم بقضايا إجرامية وفق المادة أربعة إرهاب، عندما كان متوجها إلى مقر عمله بحي الأعظمية في بغداد لتوقفه قوة أمنية وتعتقله. عثمان 27 عاما، لم يكن مطلوبا لأي جهاز أمني بأي تهمة تدينه ولم يكن عليه أي قيد جنائي، يروي لـ «القدس العربي» تفاصيل عملية إعتقاله قائلا: «من بعيد شاهدت نقطة تفتيش تتوسط الشارع كان جميعُ عناصرها يرتدون اللباس المدني ويستقلون أيضا عربات مدنية، أوقفني رجال الأمن، وطلبوا هويتي التعرفية مع أوراق السيارة لغرض تدقيق اسمي لمعرفة إذا كنت مدرجا ضمن لائحة الإرهابيين المطلوبين للدولة أو القضاء، وبعد برهة من الوقت وضعوا كيسا في رأسي وربطوا يديّ بعنف إلى الخلف، ووضعوني داخل إحدى سياراتهم تحت حراسة مشددة، ليستقر بي الحال في معتقل مطار بغداد». ويقول: «بعد خمسة أشهر من اعتقالي، زارت منظمة غير حكومة تُعنى بحقوق الانسان وشؤون المعتقلين السجن على حين غلفه من إدارة المعتقل، ترافقهم مجموعة ضباط من استخبارات وزارة الداخلية، والتقت بعدد من الموقوفين للاطلاع على أحوالهم، ومن بينهم انا، وسألني أحد الضابط ما هي تهمتك وكيف وضعك الصحي وهل تعرضت للتعذيب، فشرحت له سبب الاعتقال، وان تهمتي فقط الاشتباه بالاسم، فأمر بعرض أوراقي التحقيقية مجددا على القاضي، فضلا عن مطابقة معلوماتي الشخصية الموجودة في جواز السفر مع اسم الأم ومكان وتاريخ الولادة، والصورة مع الشخص المطلوب للقضاء، لتثبت براءتي، وأفرج عني قاضي التحقيق؛ لكن السلطات العراقية لم تنفذ أمر الإفراج، ولم تطلق سراحي إلاّ بدفع 30 ألف دولار أمريكي لأحد السجانين، وبقيت رهن الاحتجاز لمدة شهرين متابعين إضافين، لانتقالي من سجن المطار إلى معتقل آخر شمال بغداد»، بحسب قوله
ويوضح العاني أن السنة التي قضاها بين جدران المعتقل حولت حياته إلى جحيم لايطاق، بينما الدولة لم تنصفه بتقديم الضابط والمنتسبين الذين تسببوا بزجه بالسجن بلا ذنب للمحاكمة ومعرفة الأسباب وراء هذا الفعل، وتعويضه معنويا وماديا مكتفية بالإعتذار، بحسب وصفه. في حين يعاني إبراهيم عواد السامرائي (22 سنة ) من صعوبة التنقل بسهولة بين سيطرات حزام بغداد لكثرة توقيفه لانه يحمل إسما مشابها لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، اسم تسبب باعتقاله أكثر من خمس مرات ما جعله يفكر بالهجرة خارج العراق، أو تغيير اسمه. يقول لـ «القدس العربي»: أشعر بالانزعاج، شكلّي وعمري لا يدلان على انني إبراهيم عواد البدري، فالرجل المقصود معروف لدى أجهزة المخابرات العراقية والدولية، لكن حين أقف على أي مفرزة تطلب بطاقتي الشخصية وسرعان مايقرأون الاسم تتغير ملامح وجوههم، وتتغير معها طريقة التعامل، بعضهم يلجأ إلى أساليب همجية تارة يشتمني وهو غاضب، وتارة ثانية ينهال علي ضربا بالعصي، لانه يتذكر البغدادي، وهذا ليس ذنبي، ونادرا جدا ما أكون محظوظا ولا أعتقل. ومن جهته قال ضابط في جهاز الأمن الوطني العراقي لـ «القدس العربي» بان «الكثير من أسماء الإرهابيين التي ترد إلى شبكة المعلومات بالجهاز عن طريق مصادرنا هم المخبرون السريون الموزعون في مختلف انحاء المحافظات العراقية أغلبها لا يتم تدقيقها بشكل جيد قبل إدخالها في الحاسوب، خاصّة العناوين والأسماء الآتية من المناطق التي يقطنها العرب السُنّة مثل الموصل، ديالى، الانبار، كركوك، و مناطق حزام بغداد». وأكد الضابط الذي طلب عدم ذكر إسمه أن الفساد منذ عام 2010 أي خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ينخر في جسد جهاز الأمن المسؤول عن أمن الناس، والشكاوى المستمرة للمدنيين بضرورة تنظيفه من الضباط الطائفيين الذين يستغلون المواطنين، لكن كلها لم تلق أذانا مصغية لدى السيد العبادي بسبب هيمنة الحزب الواحد وضعف قوة الردع للضابط المسيئ.