مخاوف من تصاعد تدخل الميليشيات الشيعية العراقية في شؤون الدول الأخرى
مخاوف من تصاعد تدخل الميليشيات الشيعية العراقية في شؤون الدول الأخرى
بغداد ـ «القدس العربي»: يتابع العراقيون بقلق متزايد، تصاعد تهديدات وتصريحات قادة ميليشيات في العراق، ضد دول لها علاقات مع العراق، في ما اعتبروه مؤشرا على عجز الحكومة العراقية عن لجم اندفاع تلك الميليشيات بما قد يلحق الضرر بمصالح البلد وعلاقاته الخارجية.فبعد ازمة تهديد قائد ميليشيا أبي الفضل العباس، بقتل السفير السعودي في بغداد، توعد قائد ميليشياوي آخر بمهاجمة القوات التركية في الموصل. وقد ذكر أوس الخفاجي قائد ميليشيا أبي الفضل العباس، أحد فصائل الحشد الشعبي، في لقاء مع قناة عراقية تعليقا على الخبر الذي نشرته صحيفة سعودية عن تدبير ميليشيات عراقية مرتبطة بإيران محاوله لاغتيال السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان، قائلا: إن «عداء السبهان للشعب العراقي واضح جدا، وبالتالي فإن الكثير من فئات الشعب العراقي تستهدفه، وبالعكس، لو قتل السبهان في العراق، فإن أي فصيل مقاوم نفذ هذه العملية أعتقد بأنه سيتبناها لأنه شخص مطلوب، وهذا شرف يدعيه الجميع «. وأشار زعيم ميليشيا أبي الفضل العباس، إلى أن «السبهان الآن سياسيا مطرود، وكثير من الجهات السياسية الرسمية والأحزاب المتنفذة في الحكومة العراقية تطالب بطرده»، ونحن أعلناها أننا لا نرغب في وجود السبهان ولنا ثأر معه». وقد جاء تعليق السفير السعودي ثامر السبهان على تصريحات الخفاجي: «ننتظر تصريح من الحكومة العراقية بخصوص التصريحات من قبل احد مكوناتها ( ويقصد الحشد الشعبي) فهل هي موافقة على ذلك وتتبناه؟».
وأكد الأمين العام لميليشيا «حركة النجباء» أكرم الكعبي ان قواته ستستهدف القوة العسكرية التركية في العراق، منوها إلى أن «ردنا عليهم بعد تحرير الموصل سيكون موجعا». وتحدث في مؤتمر صحافي في العاصمة الإيرانية طهران، «نحن نعتقد منذ البداية أن الاخوان المسلمين في تركيا يمثلون أجندات خارجية وهذا واضح، اليوم العلاقة بين الإخوان المسلمين والكيان الصهيوني أو ما يسميه الاتراك في اسرائيل وقد يشتركون بالعقائد نفسها التي تعتقد بها المجاميع التكفيرية في سوريا والعراق ونرى كذلك ارتباط الحكومة التركية بالدول نفسها التي ترتبط بها المجاميع التكفيرية». واضاف الكعبي ان الاتراك يمثلون مشاريع توسعية وما يحدث في جرابلس من احتلال تركي هو نفسه ما حصل في الموصل من احتلال تركي ودخول القوات التركية إلى بعض مناطقه، مؤكدا ان «الأتراك متوهمون في هذا التدخل في العراق أو سوريا». وتعتبر ميليشيا حركة النجباء، أحد الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي الذي يساند القوات العراقية بمحاربة تنظيم «الدولة»، وهي تحظى بدعم الحكومتين العراقية والإيرانية. ويتمركز جنود أتراك في معسكر زيلكان شمال العراق منذ سنتين ونصف في إطار اتفاق بين الحكومة التركية وبغداد لتدريب مقاتلين محليين وعناصر من البيشمركه. ويشير خبير عسكري عراقي ان العديد من الميليشيات الشيعية العسكرية في العراق نشأت قبل الاحتلال الأمريكي 2003 أو بعده، وقد استفادت من ظهور تنظيم «الدولة» عام 2014، حيث انضمت إلى الحشد الشعبي الذي تم تشكيله بناء على فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني، وذلك للحصول على غطاء رسمي لوجودها ونشاطها.
وأكد الضابط المتقاعد الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان هذه الميليشيات تجاهر بولائها إلى إيران التي تقدم لها الدعم الكبير بالمال والسلاح اضافة إلى الدعم المقدم من الحكومة العراقية. إلا ان دعم الحكومتين العراقية والإيرانية وبعض القوى السياسية الشيعية لهذه الميليشيات وتبنيها ومنحها دورا سياسيا وامنيا في المشهد العراقي، جعل نفوذها يتوسع بحيث اصبحت تتصرف وكأنها دولة داخل الدولة، واخذت تتدخل في كل شؤون البلد ومنها علاقاته بالدول الاخرى دون ان تحاول الحكومة العراقية لجم اندفاعها وتصرفاتها التي قد تضر بمصلحة العراق. واضاف ان الميليشيات الشيعية العراقية قد ساهمت في الحرب الاهلية السورية عبر ارسال مقاتليها للقتال إلى جانب النظام وضد المعارضة السورية، وهو تصرف مخالف للدستور العراقي، كما ان تصريحات بعض قادة الميليشيات تعتبر تدخلا في شؤون البلدان الاخرى ومنها دعم الانقلابيين في اليمن وتهديد دول الخليج العربي والتدخل في شؤونها الداخلية وقصف الاراضي السعودية بالصواريخ وغيرها من السلوكيات التي تعرض مصالح العراق للخطر وتعطي انطباع بان الميليشيات الموالية لإيران والتي تخدم مشروعها في المنطقة، اصبحت خارج سيطرة الحكومة العراقية. ويعتقد الكثير من المتابعين ان نفوذ الميليشيات وقدرة الحكومة العراقية على السيطرة عليها وضبط تصرفاتها، لن يمكن حصوله في الوقت الحاضر مع انشغال القوات الحكومية بمواجهة تنظيم «الدولة» والدعم السياسي الذي تحظى به الميليشيات ضمن دور سياسي مرسوم لها في المشهد العراقي مستقبلا.