العراق: استراتيجية المقصّ لعزل الموصل تمهيداً لاقتحامها
العراق: استراتيجية المقصّ لعزل الموصل تمهيداً لاقتحامها
العربي الجديد - تواصل القوات العراقية والبشمركة الكردية هجومها على الموصل من محاور عدة، ونجحت في الاقتراب أكثر من مركز المدينة تحت غطاء جوي أميركي وفرنسي. ويشير هذا التقدم الميداني إلى التقدم خطوة إضافية في طريق إطلاق المعركة الشاملة لتحرير الموصل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يسيطر على المدينة منذ العاشر من شهر يونيو/حزيران 2014. وكانت القوات المشتركة أطلقت عملية عسكرية فجر الأحد من أجل السيطرة على قرى ومناطق في جنوب وشرق الموصل، كخطوة أولية تهدف إلى عزلها واستكمال التحضير لمعركة تحريرها بالكامل.
وأكدت مصادر عسكرية أن القوات المشتركة، مدعومةً بوحدات من العشائر العربية، حققت تقدماً كبيراً على المحورين الجنوبي والشرقي للموصل. وأضافت أن تحرك قوات الجيش جنوباً والبشمركة شرقاً أتى على "شكل مقص وضعت الموصل في وسطه"، وهو تكتيك عسكري ساهم بوصول القوات المهاجمة إلى مسافة تبعد 13 كيلومتراً، من جهة جنوب الموصل، و19 كيلومتراً من شرقها. هكذا تكون قوات البشمركة قد وصلت إلى أقرب نقطة عن مركز المدينة، مستفيدةً من كثافة عددية تصل إلى ثمانية آلاف جندي. في هذا الإطار، أفاد مسؤول عراقي بارز بأن مدفعية القوات الكردية باتت قادرة على قصف وسط الموصل. وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الدعم الأميركي في المعركة الحالية يتركز للبشمركة وهذا سر تقدمها الكبير في المعارك على عكس الجيش العراقي". لكنه أشار في المقابل إلى أن "الأهم أن الطوق بدأ يضيق على داعش في الموصل".
وذكرت المصادر أن المعارك تواصلت أمس الاثنين من محور الخازر والكوير ومخمور، وهو المحور الشرقي والجنوبي الشرقي، الذي تتحكم به القوات الكردية. أما الأطراف التي تتولى القتال على مشارف مدينة القيارة، الواقعة على المحور الجنوبي للموصل، فتتألف من قوات الفرقة 15 واللواء المدرع الأول بالجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب. وترابض البشمركة بمشاركة قوات تابعة للعشائر العربية في المحور الشمالي، الذي يتمثل بمدن بعشيقة وشيخان والشلالات، أو ما يعرف باسم سهل نينوى. وحده المحور الغربي من مناطق البعاج وسنجار وصولاً إلى الحدود السورية، لا يزال شبه هادئ. وتمكنت القوات المشتركة، أثناء المعارك الاثنين، من وصل المحورين الجنوبي والشرقي ببعضهما البعض، من خلال سيطرتها على نقطة جبل صفرة. وهو الأمر الذي يعني عسكرياً أن الموصل تقترب من عزلها عن باقي أجزاء العراق باستثناء المحور الغربي الذي يفضي إلى الحدود السورية ومدينة دير الزور. إذا كانت هذه التطورات الميدانية تبشر خيراً لجهة إضعاف "داعش"، إلا أنها تثير قلقاً حول مصير المدنيين في الموصل. في هذا الصدد، أشار المسؤول العراقي نفسه، إلى وجود أكثر من مليون وربع المليون مدني في الموصل، وأقر بأن معركة تحريرها ستوقع "بالتأكيد ضحايا" في صفوفهم. وقال "من يحاول أن يقول غير ذلك فهو كاذب لكن نأمل من التنظيم أن يسمح للسكان بالمغادرة أو ينسحب من المدينة أصلاً لتجنيبها الخراب وعدم تكرار مأساة المدن الأخرى". وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن انسحاب مقاتلي "داعش" سيكون متاحاً من المحور الغربي للموصل، ولا سيما أنه الجزء الهادئ من المعركة، والمتصل مع مواقع سيطرة التنظيم في سورية.
في سياق متصل، أعلن قائد عمليات تحرير نينوى، اللواء الركن نجم الجبوري، أن "القوات العراقية حققت تقدماً كبيراً على المحور الجنوبي"، مضيفاً أن "اقتحام مدينة القيارة بات مسألة وقت". وتابع الجبوري أن "قوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب تقوم بالهجوم على مواقع تنظيم داعش بمساندة طيران التحالف الدولي". في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية كردية لـ"العربي الجديد" أن "قوات البشمركة استأنفت صباح الاثنين العمليات العسكرية ضد داعش على محوري الخازر والكوير وسيطرت على قريتين بعدما تمكنت من استعادة السيطرة على سبع قرى في محور الخازر والكوير جنوب القيارة". بالإضافة إلى ذلك، استأنفت القوات الكردية هجماتها ضد مواقع "داعش" وسيطرت على قريتي الحاصودية وكنهش الصغيرة بالكامل وعلى محطة القيارة الغازية، وفق المصادر التي أشارت إلى وصول البشمركة إلى جسر القيارة ومحاصرتها لقرية كنهش الكبيرة". وأعلنت مصادر عسكرية عراقية أن عناصر "داعش" أحرقوا عدداً من الآبار النفطية في منطقة القيارة. وأضافت أن الغاية من هذا العمل تتمثل في حجب الرؤية عن طائرات التحالف الدولي المشاركة في العملية العسكرية" التي بدأت الأحد. لكن المصادر أكدت في المقابل أن "طيران التحالف الدولي تمكن من تدمير عدد من الأهداف والعجلات الملغمة لتنظيم داعش في قرية أحليلة غرب الموصل".