واشنطن تشترط إجراء إصلاحات سياسية في بغداد قبل الإفراج عن مزيد من المساعدات الاقتصادية
واشنطن تشترط إجراء إصلاحات سياسية في بغداد قبل الإفراج عن مزيد من المساعدات الاقتصادية
واشنطن ـ «القدس العربي»: يعتقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ان على الولايات المتحدة والدول الخليجية الانتظار لرؤية مدى قدرة العراق على حل الأزمة السياسية قبل تقديم المزيد من المساعدات مشيرا إلى ان شلل العملية السياسية يعيق الجهود الأمريكية لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» وإعادة بناء البلد الذى مزقته الحرب.
تحذير أوباما الصريح يهدف على ما يبدو إلى الضغط على الزعماء العراقيين لوضع الخلافات الداخلية جانبا من أجل إعلان حكومة مستقرة، وهذه التصريحات تعكس، أيضا، مدى حدود قدرة أوباما في منطقة الشرق الأوسط وما يمكن تحقيقه خلال رحلته القصيرة إلى السعودية واجتماعاته مع قادة من ست دول خليجية حيث غادر مع وعود قليلة ردا على التزامات طالبتها دول الخليج من الولايات المتحدة.
وأوضح أوباما ان هناك الكثير من التحديات الكبيرة في بغداد في الوقت الراهن مؤكدا ان من المهم للولايات المتحدة التأكد من ان الدولارات المقدمة إلى العراق ستنفق على وجه فعال مع تسوية للمشاكل السياسية هناك.
المفارقة هنا جاءت قبل يوم واحد من هذا التصريح حينما حث وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر زملاءه في دول الخليج العربي بزيادة الدعم الاقتصادي والسياسي للعراق رغم معرفته ان الدول الخليجية مترددة للغاية في الاستثمار بشكل كبير في العراق قبل تقديم الحكومة العراقية مزيدا من التقديم نحو الاستقرار وجلب السنة إلى العملية السياسية. وقد طلب كارتر على وجه الخصوص من دول الخليج المساعدة في إعمار الرمادي وهيت ومحافظة الأنبار ومناطقأاخرى تعيش حالة من الفوضى والدمار، مشيرا إلى ان مساعدة الشعب العراقي في العودة إلى دياره وإعادة بناء حياتهم أمر من شأنه ادامة النصر وتعزيز حكومة أكثر شمولية.
وحاول الرئيس الأمريكي إقناع الدول الخليجية بالتعاون مع رئيس وزراء العراق حيدر العبادي قائلا انه شريك جيد للولايات المتحدة ولكنه محمل بالكثير من الأعباء، مشيرا إلى ان التحديات السياسية الحالية في العراق لا تقع فقط على طول خطوط الصدع الطائفي التقليدي «سنة، شيعة، اكراد» وقال ان من الضروري لسلامة العراق واستقراره وضع اللمسات الأخيرة على مجلس الوزراء بحيث يمكن للبلاد التركيز على المشاكل العميقة على المدى الطويل.
الاهتمام الأمريكي بحل الأزمة السياسية في العراق يهدف في الدرجة الاولى إلى عدم التاثير على الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» فالحكومة العراقية مثلا اضطرت في الآونة الأخيرة إلى استدعاء الكثير من الجنود إلى بغداد لمواجهة التظاهرات بدلا من مكافحة التنظيم، كما ان الاضطرابات السياسية عامل مهم لصعود تنظيم»الدولة» من جديد، وأبعد من ذلك، هناك مخاوف أمريكية من ان الفوضى السياسية في العراق ستدمر الاستقرار السياسي النسبي في البلاد على المدى الطويل.
وفي الواقع، تبدو مواقف البيت الأبيض ووزارة الدفاع متناقضة تجاه حل الأزمة السياسية في العراق، ففي حين تؤكد الإدارة الأمريكية على أولوية حل الأزمة وفقا لتصريحات أوباما ووزير خارجيته جون كيري، قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر من جهة أخرى ان الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» لن تتاثر بالانقسامات الطائفية في العراق أو أزمة بغداد، ولكن العسكر وساسة واشنطن اتفقوا على شيء واحد هو ان نجاح المعركة ضد التنظيم بشكل عام يتطلب تقدما اقتصاديا وسياسيا خصوصا حول القضايا الطائفية.
المشهد الدرامي السياسي في العراق تمثل في خروج الآلاف من العراقيين للاحتجاج والدعوة إلى إجراء إصلاحات حكومية، وجاءت موجة الغضب بسبب فشل بغداد في توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء وانتشار الفساد الحكومي، كما تفاقم الغضب جراء الأزمة الاقتصادية في العراق بسبب انخفاض أسعار النفط بشكل استثنائي وتكاليف الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» ولأسباب سياسية خاصة، حاولات بعض الجهات منع العبادي من إجراء إصلاحات لعدة أسباب منها خوف بعض الجهات من فقدان سيطرتها على بعض الوزارات، إضافة إلى حرص أطراف أخرى على اظهار ان إجراءات العبادي غير فعالة وانه منافس سياسي فاشل.
وفي نهاية المطاف، خيارات الولايات المتحدة محدودة في العراق، وساسة واشنطن يدركون ذلك، والاهتمام الأمريكي الحقيقي الوحيد في العراق هو الحفاظ على نوع من التماسك السياسي في بغداد والاسراع في الحملة العسكرية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» من اجل هزيمته وما بعد ذلك لا يهم.