تحديات كبيرة تعيق عودة النازحين في العراق إلى المناطق المحررة من تنظيم «الدولة»
تحديات كبيرة تعيق عودة النازحين في العراق إلى المناطق المحررة من تنظيم «الدولة»
بغداد ـ «القدس العربي» : أكد العديد من المسؤولين العراقيين وجود العديد من التحديات التي تعيق عودة النازحين في العراق إلى المناطق المحررة من تنظيم «الدولة» مع توقعات بتصاعد كبير في عدد النازحين بالتزامن مع استمرار تحرير المزيد من المناطق.
فقد ذكر وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد ان «الوزارة لديها ثلاثة تحديات كبيرة تواجهها في عملية إغاثة وإيواء النازحين أولها هو وجود ما لا يقل عن ثلاثة ملايين نازح داخل البلاد وهذا العدد الكبير من العوائل النازحة مستمر بتواجده داخل المجتمعات المضيفة مما يحتاج إلى جهود كبيرة وتنسيق عال لعملية توفير مستلزمات الحياة اليومية، لافتا إلى توقع وجود مشكلة نزوح كبيرة قد تواجه البلاد في حال بدء عمليات التحرير المرتقبة لمدينة الموصل والمدن الأخرى.
وأشار خلال استقباله وفد الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن التحدي الثاني هو وجود مشكلة مالية كبيرة تواجه البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية من جهة وانخفاض أسعار النفط من جهة أخرى.
وأكد الوزير أن التحدي الأكبر للعودة هو إعادة إعمار المناطق المحررة التي تعرضت إلى دمار كبير في البنى التحتية كالكهرباء والماء والمستشفيات وغيرها من مستلزمات الحياة الأخرى فضلاً عن وجود مخلفات الحرب من العبوات الناسفة المتواجدة في عموم هذه المناطق مما تحتاج إلى جهد دولي لرفع هذه المخلفات وتمويل كبير لإعادة إعمار هذه المناطق».
وتحدثت مصادر من الأنبار لـ«القدس العربي» قائلة إن العمليات العسكرية الحالية التي تقوم بها القوات العراقية في مناطق الأنبار وصلاح الدين لتحريرها من تنظيم «الدولة» أسفرت عن موجة جديدة من نزوح أهالي تلك المناطق هربا من المعارك ومعاناة حقيقية للمدنيين وسط عجز حكومي عن توفير مخيمات مؤقتة لإيوائهم حتى انتهاء المعارك.
وذكر عبيد هاشم، أحد المتطوعين من الرمادي الذين توجهوا إلى مناطق قريبة من هيت لمساعدة النازحين، أن الآلاف من سكان هيت وكبيسة غرب الأنبار فروا من مدنهم بعد بدء المعارك فيها وتوجهوا نحو المناطق الصحراوية على أمل ان يجدوا مخيمات هيأتها لهم السلطات الحكومية.
وقد ساعدت القوات العراقية في نقلهم إلى مناطق محددة للنازحين ولكنهم فوجئوا بمخيمات صغيرة لا تستوعب إلا أعدادا قليلة من العائلات مما اضطر المئات منهم إلى البقاء في العراء بلا طعام أو ماء أو مأوى تحت رحمة الشمس نهارا والبرد ليلا.
وأكد هاشم في اتصال هاتفي أن المخيم المقام على وجه السرعة لسكان الزنكورة والكيلو 18 وهيت وكبيسة كان صغيرا ولا تتوفر فيه مستلزمات أساسية مثل المياه والطعام والفراش إضافة إلى نقص الخيام رغم أن معظم النازحين من النساء والأطفال وكبار السن الذين بقوا تحت رحمة أجواء الصحراء الواسعة مما دفع أهالي المناطق القريبة إلى إرسال مساعدات عاجلة من مواد غذائية.
وفي تحد آخر لعودة النازحين تبرز المشاكل العشائرية والاجتماعية التي تولدت من خلال سيطرة تنظيم «الدولة» على بعض المناطق واضطرار بعض الأفراد على التعاون معه ووقوع أعمال قتل متبادل.
وقد دعا رئيسُ مجلس النواب سليم الجبوري، الاحد، إلى تفادي الخلافات السياسية والاجتماعية لإعادة استقرار محافظة الانبار.
وقال في كلمة خلال مؤتمر صحافي مشترك في الرمادي عقده مع محافظ الانبار صهيب الراوي على أصحاب الحكمة وأصحاب الرأي السديد ان يفعّلوا دورهم بإزالة جميع الخلافات والبدء بصفحة جديدة أساسها التعاون والوئام ونبذ جميع الخلافات السياسية والاجتماعية لأنها أوردت المحافظة مارأيناه من وجود الإرهاب والنازحين».
ودعا الجبوري إلى «إعادة الاستقرار لكي ندعو المواطنين لإعادة النازحين إلى مناطقهم.
أما مشروع الإعمار فهو مشروع كبير يحتاج إلى جهد دولي كبير».
وأشار إلى أن “جهد الخيرين سينصب باتجاه تحقيق استقرار المحافظة وهذا ما ندعو إليه، مبينا أن الأنبار ستحرر بالكامل من داعش خلال الفترة المقبلة».
وكان رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم دعا أثناء زيارته إلى الرمادي أبناء الأنبار إلى تجاوز الخلافات العشائرية والاجتماعية بينهم، وأن يتركوا أعمال الثأر لكي يحكم القانون فيها، داعيا الناس إلى تركيز جهودهم على تحرير أراضيهم وإعادة النازحين إلى ديارهم وإعمار المحافظة بعد الخراب الذي لحقها جراء المعارك والحروب.
وضمن الإجراءات العاجلة قامت وزارة الهجرة والمهجرين بالتعاون والتنسيق مع قائمقامية قضاء الخالدية بتشييد مخيم لإيواء النازحين قرب بحيرة الحبانية.
وقال مدير قسم المحافظات الوسطى في دائرة شؤون الفروع عامر عباس زغيري أمس الاثنين ان «بدء نصب المخيم في قضاء الخالدية قرب بحيرة الحبانية بالتعاون مع قائمقامية الخالدية بواقع 450 خيمة من العوائل النازحة من أطراف قضاء هيت ومنطقة الزنكورة جراء عمليات التحرير».
كما أفاد مصدر أمني في محافظة الأنبار، أمس الاثنين، بنزوح أكثر من 1000 عائلة من ناحية كبيسة، غرب الرمادي (110 كم غرب بغداد) إلى وادي حوران وناحية البغدادي فيما أكد أن القوات المشتركة نقلت العوائل إلى أماكن آمنة.
ويتفق المراقبون على أن أزمة النازحين في العراق تتجه نحو المزيد من التعقيد مع استمرار المعارك وحركة نزوح المدنيين هربا من أعمال العنف ومع اعتراف الحكومة العراقية بالعجز وحدها عن التعامل مع هذه المشكلة بسسب الأزمة المالية الحادة.