نص كلمة رئيس الجمهورية في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية
نص كلمة رئيس الجمهورية في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية
الاتحاد الكردستاني - القى سيادة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اليوم الاربعاء 11/11/2015 كلمة العراق في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية المنعقدة يومي ١٠ و١١/١١/٢٠١٥ في الرياض، وفي ما يلي نص الكلمة:
" بسم الله الرحمن الرحيم
جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، رئيس القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية
فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، رئيس القمة العربية
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
معالي الأمين العام للأمم المتحدة
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية، ورؤساء دول أمريكا الجنوبية
الحضــور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
من دواعي الاعتزاز أن أبدأ بتقديم وافر الشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومة وشعب المملكة العربية السعودية لحسن الاستقبال وللجهد الواضح من أجل إنجاح أعمال هذه القمة التي باتت علامة بارزة في إطار التفاهم والتنسيق والتعاون وتوفير إمكانات العمل المشترك بين دول منطقتينا.
ولعل مما يدعو إلى السعادة أننا نحيا الآن في عالم بات أكثر إدراكاً لقيم العيش المشترك، وباتت فرص التواصل فيه أكثر يسراً.
تقدّمُ العلومِ ووسائل الاتصال ساعد في هذا كثيراً، لكن المدنية وتطور الوعي الانساني باتجاه الانفتاح والتعايش وتعاون المجتمعات هو العامل الأساس في تعزيز وتيسير فرص التعاون بين الأمم في مختلف القارات.
نعتقد أن ما يُقرّب ويوحد بين دول وشعوب منطقتينا العربية والأمريكية الجنوبية هو من السعة بما يسمح بالمزيد من التعاون الذي من شأنه أن يعطي دفقاً أكبر للعلاقات بين دولنا وحيوية أكبر للصلة والمصالح بين العالمين وشعوبهما. ولعل تعزيز مساحات العمل المشترك وتنمية المصالح الاقتصادية والتجارية والنفطية والثقافية والسياسية هما مما يساعدان على تطوير الصلات بين المنطقتين ومما يجعل من القمة العربية الأمريكية الجنوبية مناسبة طيبة للدفع بالعلاقات دائماً إلى أمام وبما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة ويساعد في تعزيز التقدم والاستقرار في العالم.
واذ نستذكر عبر حضور دول امريكا الجنوبية هنا أدب بابلو نيرودا وغابريل غارسيا ماركيز وجورج أمادو، فان العراق توّاقُ ايضا الى بناء علاقات متينة مع دول امريكا الجنوبية ويدعو شركاتها للاسهام الحيوي في مشاريع اعادة اعمار العراق.
وفي هذه الأجواء الايجابية التي نرى عليها العلاقات بين دولنا في المنطقتين العربية والأمريكية الجنوبية وبين الكثير من دول العالم في مختلف القارات لا بد من الوقوف على مصادر التهديد التي ما زلت تشكل خطراً على سلام العالم وأمنه واستقرار شعوبه، وفي المقدمة منها التهديد الارهابي التكفيري المتطرف.
ومن المؤسف أن كثيراً من دول المنطقة العربية تخوض الآن تحديات مصيرية وهي تواجه هذا الارهاب بمختلف تسمياته وأبشعها حالياً منظمة داعش. ولا يتحقق السلام من دون دحر الإرهاب ومن دون تنمية عوامل السلم الأهلي والتعايش داخل كثير من دولنا.
في بلدنا العراق ما زلنا نواصل مقاومة هذا الخطر الإرهابي الذي لم يتورع في ارتكاب أبشع الجرائم ضد العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وباقي مكوناتهم. وما زال القتلة الإرهابيون والانتحاريون من مختلف الدول يجدون أكثر من سبيل سالك لدخول الأراضي العراقية لإدامة زخم العنف والجريمة التي تعددت أشكالها وتباينت أهدافها من حرق الكتب والمكتبات وهدم المتاحف وآثار أقدم حضارات الإنسانية والكنائس القديمة والمساجد ودور العبادات للمسلمين والمسيحيين والإيزيديين وقبل كل هذا فقد استهدفت المواطنين المدنيين، نساء وأطفالا وشيوخاً، ممن تعرضوا للقتل والحرق والابادات الجماعية، ولم ينجُ منهم في المدن والقرى التي احتلها المجرمون الارهابيون سوى من توفرت له فرصة الهرب والنزوح حيث مئات الآلاف من العائلات الآن مشردة داخل وخارج البلاد في انتظار فرصة تحرير مدنهم والعودة إليها.
ومثلما عمد الارهاب الداعشي المجرم الى استهداف ابناء شعبنا العراقي العزيز بكل مكوناته، فقد ردّ شعبنا على هذا العمل العدواني بتوحيد الصف الوطني والمساهمة الشجاعة برد الاعتداء بمشاركة وطنية واسعة سعة العراق كله.
ويشرفني هنا أن أحيي البطولات والتضحيات التي يقدمها جنود جيشنا وقواتنا المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر في مواجهة هذا المد الارهابي وفي تحقيق الانتصارات المتتالية عليه بقوة صمود أبطالنا وعزيمتهم على النصر وبالدعم الذي يلقونه من الجهد الدولي المؤازر.
نحتاج إلى أن يقف كل أحرار العالم معنا.
ان شعبنا واذ يسطر اسمى آيات الشجاعة في التصدي للارهاب رغم ما يواجه من تحديات اقتصادية وامنية لن يألوا جهدا بالمواصلة، وهو وبمثل هذا الظرف لا يطالب اي دولة من الدول الصديقة والشقيقة ان تبعث ابناءها للقتال ضد داعشس بدل ابناء العراق، لكنه يهيب بهذه الدول ان تقف الى جنبه سياسيا واقتصاديا وامنيا.
نحتاج إلى أن يشعر العراقيون أنهم ليسوا وحدهم في هذه الحرب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين وتشرد الملايين بسببها وأنفقت ثروات فيها وتعطلت الكثير من فرص البناء والتقدم تحت ضغطها.
لا خيار لنا وللعالم سوى أن ننتصر. وتعاوننا وتلاحمنا ووقوفنا معا يختصر وقت المواجهة ويقلل التضحيات فيها ويعجل بنهاية هذا الوباء الإرهابي الذي لا عاصم لبلد منه.
هكذا تعقدَ المشهدُ في ليبيا بعد سقوط الدكتاتورية وبعد دخول الارهاب على خط المشكلة.
وهكذا تعقد المشهد في سورية بفعل عوامل كثيرة من بينها الارهاب وطالت معاناة الشعب السوري الشقيق الذي يستحق حياة آمنة وحرة ديمقراطية.
وهكذا هو الحال في أكثر من مكان عربي آخر يعاني من الارهاب ومن خلاياه النائمة.
إن اضطراب الجو الأمني في منطقتنا أسهم في توتير الأجواء وخلق بوادر نزاعات كثيرة نعتقد أن حلّها هو بالحوار وبالتفاهم البنّاء وبالتعاون.
بينما بقيت مشكلة الشعب الفلسطيني وما زالت واحدة من أخطر العوامل التي تساعد على إبقاء أجواء الأزمة والتوتر في المنطقة. إنه صراع لابد له من نهاية، ولا نهاية من دون تفعيل قرارات الشرعية الدولية وتهيئة سبل الحوار والتفاهم وبما يضمن حق الشعب الفلسطيني كاملاً في دولته المستقلة وعلى ترابه الوطني. نعتقد أن حلاً إيجابياً وشرعياً للمشكلة الفلسطينية سيكون مفتاحاً لحل كثير من مشكلات المنطقة.
كلنا أمل وثقة في أن المستقبل سيكون لصالح العدل والسلام في منطقتنا والعالم. وكلنا على استعداد لترسيخ التعاون والعمل المشترك من أجل هذه الأهداف التي تنسجم وأهداف الشعوب في الحياة والمضي في طريق التقدم.
نعتقد أن هذه القمة وهذا الحرص على إدامتها وإدامة التواصل البنّاء من خلالها هما من عوامل تجسير الصلة بين شعوب ودول منطقتينا.
كل التمنيات بالنجاح لأعمال القمة الرابعة.
أكرر شكري وتقديري للجهود المبذولة من لدن جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".