الخلاف الإيراني الروسي يخرج إلى العلن
الخلاف الإيراني الروسي يخرج إلى العلن
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية - عكست تصريحات القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري عن الدور الروسي في سوريا وجود خلافات جدية بين طهران وموسكو حول مصير الأسد، وقائمة المعارضين الذين سيتم استدعاؤهم للحوار حول مستقبل سوريا.
ولا تخفي إيران غضبها من التقارب الروسي مع بعض الدول العربية المؤثرة في الملف السوري، وخاصة السعودية، وسعي موسكو لاستدعاء معارضة مقربة منها للمشاركة في جلسات الحوار التحضيرية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.
ونقلت وكالة “مهر” الإيرانية شبه الرسمية عن جعفري قوله إن “جارتنا الشمالية (روسيا) تساعد أيضا في سوريا، ولكنها غير سعيدة بالمقاومة الإسلامية، ولكن على أي حال فإنها تقدم المساعدات على أساس المصالح المشتركة، ولكن ليس من الواضح أن مواقف روسيا تتطابق مع مواقف إيران بشأن بشار الأسد”.
وأضاف أن بلاده لا ترى بديلا للأسد وتعتبره “خطا أحمر وتجاوزه ممنوع”.
لكن وكالة الإعلام الروسية نقلت أمس عن متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية قولها إن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة ليس حتميا بالنسبة إلى روسيا.
وردا على سؤال عما إذا كان الإبقاء على الأسد مسألة مبدأ بالنسبة إلى روسيا قالت المتحدثة ماريا زاخاروفا “بالقطع لا. لم نقل هذا قط”.
ورغم التصريحات الغامضة التي يطلقها المسؤولون الروس حول مصير الأسد، إلا أن إيران باتت مقتنعة أن موسكو تناور بهذه التصريحات، وأنها تستعمل ورقة الأسد للحصول على المزيد من المكاسب مع دول مثل السعودية.
وقالت آنا بورشفسكايا، الخبيرة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لـ”العرب” إنها لا تعتقد “أنه ستكون هناك اختلافات جوهرية بين روسيا وإيران حول الملف السوري في المستقبل”.
وأضافت “لا أثق في تصريحات موسكو حول إمكانية تخليها عن الأسد. وبغض النظر عن كل ذلك تبقى هناك حالة واحدة من الممكن بموجبها أن توافق روسيا على رحيل الأسد وهي أن تكون قادرة على استبداله بحاكم آخر يضمن لها مصالحها في سوريا والمنطقة”.
وقالت مصادر إن السعودية ودولا عربية أخرى نجحت في الحصول على تطمينات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بقاء الأسد لن يكون حتميا وأن الخلافات تتعلق فقط بموعد رحيله، قبل المرحلة الانتقالية أم بعدها.
وإذا كانت إيران تبدو متمسكة بالأسد، فهي بذلك يحدوها الأمل في أن يحافظ الرئيس السوري على مصالحها القومية، خاصة استمرار إمداد حزب الله بالأسلحة الكافية ليحافظ على دوره كذراع إيرانية قوية في المنطقة، وهو ما لن يتحقق إذا فرضت روسيا هيمنتها على سوريا ودعمت حكومة موالية لها وتحوز في نفس الوقت على رضا السعودية.
وأشار المراقبون إلى أن ثمة اختلافا جوهريا في الاستراتيجي بين روسيا وإيران، فموسكو تسعى إلى أن يكون تدخلها محدودا زمنيا، وإلى إشراك الولايات المتحدة ودول خليجية وإقليمية أخرى للوصول إلى حل يحفظ مصالحها.
في المقابل تراهن طهران على الخيار العسكري طويل المدى لفرض بقاء الأسد بغض النظر عن احتمال أن يؤدي ذلك إلى تقسيم سوريا على أساس عرقي ومذهبي.
وقالت بورشفسكايا لـ”العرب” إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يحاول السير على كل الحبال في وقت واحد، ويسمح للمسؤولين الروس بإطلاق تصريحات تفيد بالاستعداد للتخلي عن الأسد في ما يراه مناورة سياسية لطمأنة دول الخليج. والإيرانيون يفهمون ذلك جيدا”.
لكنّ محللين يرون، على عكس ذلك، أن الخلاف الإيراني الروسي لا يقتصر على سوريا لكن قد يمتد إلى لبنان والعراق أيضا، فروسيا غير مستعدة أن تخوض معارك طائفية في الشرق الأوسط من خلال الانحياز إلى أحد الأطراف المذهبية المتصارعة، مما يعني أن روسيا لن تقدم أي ضمانات لإيران في حماية حزب الله في لبنان، كما أنها لن تغض النظر في المدى المتوسط عن الميليشيات والحشد الشعبي في العراق أيضا.
ولم يخف قائد الحرس الثوري قلقه على حزب الله أو “ما أسماه بالمقاومة الإسلامية”، وذلك في ظل حديث عن أن تطمينات روسيا للسعودية تضمنت كذلك إخراج القوات الأجنبية الموجودة في سوريا في سياق تهيئة الظروف لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة.
وهو ما يعني أن حزب الله سيجد نفسه مجبرا على ترك سوريا خلال الأشهر القادمة، فضلا عن الخبراء والمقاتلين الإيرانيين، وبقية الميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية التي تساند قوات الأسد بدعم إيراني.
وفي مقابل التلويح بإخراج حزب الله من المشهد السوري دون أن يحقق “النصر” الذي وعد به أمينه العام حسن نصرالله، تحاول روسيا إشراك فصائل معارضة مقربة من السعودية في الحوار الذي سيبدأ في موسكو كخطوة أولى قبل أن ينتقل إلى جنيف.
وبعد أن رفضت روسيا في البداية مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد أظهرت مرونة أكبر في وقت تكثف فيه الجهود الدبلوماسية لحل الصراع.
وذكرت صحيفة كومرسانت أمس أن القائمة تضم في الأغلب أعضاء سابقين وحاليين في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
وأضافت أن القائمة تضم الرئيس السابق للائتلاف معاذ الخطيب والرئيس الحالي خالد خوجة إلى جانب ممثلين عن مجموعة مختلفة من الجماعات السياسية والدينية والعرقية.
صحيفة العرب اللندنية