قمة “كامب ديفيد”.. ملامح سياسة جديدة بين واشنطن ودول الخليج
قمة “كامب ديفيد”.. ملامح سياسة جديدة بين واشنطن ودول الخليج
سّطرت الولايات المتحدة الأمريكية، مع ممثلي دول الخليج، يوم الخميس، ملامح سياستهم المشتركة للفترة المقبلة، تحت مسمى "شراكة استراتيجية جديدة"، أوردها البيان الختامي لقمتهم في "كامب ديفيد"، قبل أن يتفقوا على الاجتماع مجدداً في ٢٠١٦.
البيان الختامي للقمة التي عقدت بمنتجع كامب ديفيد، شمال غرب الولايات المتحدة، وجمعت قادة دول الخليج بكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، شمل ملامح استراتيجية تبدو طويلة الأمد، وتتضمن كيفية التعامل إزاء كافة التطورات التي قد تشهدها المنطقة، خلال عام من الآن.
وفيما يلي أبرز تلك الملامح التي تمحورت في البيان الختامي والملحق الخاص به، الصادرين عن القمة الأمريكية الخليجية:
إطار عام للشراكة الاستراتيجية الجديدة: بحسب البيان الصادر عن ختام القمة، فإن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما اجتمع ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وأعضاء مجلس الوزراء اليوم، في كامب ديفيد، لإعادة تأكيد وتعميق الشراكة القوية والتعاون بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي".
و"أكد القادة التزامهم المشترك بشراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لبناء علاقات أوثق في كافة المجالات، بما في ذلك الدفاع والتعاون الأمني، ووضع نهج جماعي للقضايا الإقليمية من أجل النهوض بمصالحهم المشتركة في الاستقرار والازدهار".
وخلال القمة، ناقش القادة ما أسماه البيان المشترك بـ"شراكة استراتيجية جديدة" بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز التعاون الأمني، وخاصة فيما يتعلق بعمليات نقل الأسلحة، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والأمن البحري، والأمن المعلوماتي، ونظم الدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
التعاون الأمني: ذكر البيان الختامي أن "العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لاتزال دعامة من الدعائم أساسية لشراكتنا الاستراتيجية وحجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي".
وأضاف: "تعاوننا القائم، بما في ذلك تبادل المعلومات، والمناورات العسكرية المشتركة، وتوفير المعدات العسكرية المتطورة والتدريب، هو دليل على قيمة مستدامة إضافة إلى مصالحنا الأمنية المشتركة".
ضمانات أمنية: أوضح البيان أن "الولايات المتحدة تشارك شركاءها من دول مجلس تعاون الخليج المصلحة العميقة في منطقة سلمية ومزدهرة، وتشاركهم مصلحة حيوية، في دعم الاستقلال السياسي ووحدة أراضيه، والحماية من العدوان الخارجي على شركاء دول مجلس التعاون الخليجي".
كم أشار إلى أن "سياسة الولايات المتحدة هي استخدام كل عناصر القوة لتأمين مصالحنا الأساسية في منطقة الخليج، وردع ومواجهة العدوان الخارجي ضد حلفائنا وشركائنا، كما فعلنا في حرب الخليج، وهو أمر لا لبس فيه".
وأضاف أن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لوحدة أراضي أي دولة من دول المجلس، يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وفي حال التثبت من حدوث مثل هذا العدوان أو التهديد بمثل هذا العدوان، فإن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع شركاءنا من دول مجلس التعاون الخليجي للتحديد سريعا التصرف الذي قد يكون مناسباً، وذلك باستخدام الوسائل المتاحة بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية للدفاع عن شركاءنا من دول مجلس التعاون الخليجي".
كما قررت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تشكيل فريق عمل عالي المستوى لمتابعة تطوير قدرات الاستجابة السريعة، مع الأخذ بعين الاعتبار مفهوم الجامعة العربية "قوة عربية موحدة،" للمساهمة بطريقة منسقة للتصدي لعمليات الإرهاب وحفظ السلام والاستقرار في المنطقة.
ومضى: "وكما حدث مع عملية عاصفة الحزم (العملية العسكرية في اليمن)، فإن دول الخليج سوف تتشاور مع واشنطن، عندما تخطط للقيام بعمل عسكرية خارج حدودها، خاصة عندما يتطلب الأمر مساعدة أمريكية".
نظام الدفاع ضد الصواريخ البالستية: قال البيان: إن دول الخليج ملتزمة بتطوير قدرات دفاعية ضد الصواريخ الباليستية تشمل نظاما للإنذار المبكر وتساعد واشنطن في إجراء دراسة حول هذا النظام الدفاعي وتقدم المساعدات التقنية في تطوير نظام الانذار.
تدريبات عسكرية مستقبلية: بناء على برنامجهم الموسع، من التدريبات العسكرية والأنشطة التدريبية، قررت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي القيام بتدريبات جديدة، على نطاق واسع، للتأكيد على قابلية التشغيل المتبادل ضد التهديدات غير المتماثلة، مثل الإرهاب أو الهجمات السيبرانية (الاستغلال المعلومات الإلكترونية ونظم الاتصالات)، أو غيرها من التكتيكات المرتبطة بالحرب المختلطة.
وستقوم الولايات المتحدة أيضا بإيفاد فريق عسكري لعواصم دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة واتخاذ قرار بشأن سبل زيادة وتيرة قوات العمليات الخاصة المعنية بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتدريب.
نقل الأسلحة: اتفق المجتمعون على أن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تتخذ الخطوات اللازمة لضمان نقل الأسلحة في مسار سريع لدول مجلس التعاون الخليجي، للمساهمة في الأمن الإقليمي.
وستعمل الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي معا لإنشاء مكتب مشتريات المبيعات العسكرية الخارجية مخصص لعمليات البيع الواسعة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتبسيط التحويلات من طرف ثالث، واستكشاف السبل التي يمكن للولايات المتحدة الإسراع في اقتناء وإيصال القدرات الرئيسية.
الأمن البحري: قررت دول مجلس التعاون الخليجي زيادة مشاركتهم في فرق العمل البحرية الدولية في مجال مكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة. كما قرروا اتخاذ المزيد من الخطوات لتبادل المعلومات بشأن هذه الأمور، واعتراض شحنات الأسلحة غير المشروعة إلى مناطق الصراع، وفق البيان.
وأوضح البيان أن الولايات المتحدة ملتزمة بتوفير تدريب إضافي والمساعدة التقنية لأمن السواحل، وحماية البنية التحتية البحرية، ومكافحة التهريب.
مكافحة الإرهاب وتمويله: بناء على الالتزام المشترك لمواجهة التهديدات الحادة التي يشكلها تنظيم القاعدة، فإن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، سيتابعون مبادرات لمواصلة بناء قدرتهم على تعقب والتحقيق، وملاحقة المتورطين في الأنشطة الإرهابية داخل حدودها، وكذلك لاحتواء وردع المرور، والتمويل والتجنيد من قبل المتطرفين الذين يمارسون العنف.
البيان لفت إلى أن الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي سيعقدان منتدى ثاني للتعاون الاستراتيجي بينهما، وسيكون معنيا بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود لمتابعة الجهود السابقة للتعاون في مجال أمن الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب وحماية البنية التحتية الحيوية.
وسوف تزيد الولايات المتحدة والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الجهود الرامية إلى منع تمويل الإرهاب، بما في ذلك جهود تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية وتنفيذ تجميد أصول الأفراد والكيانات في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وخاصة في المنطقة.
كما ستنظم الولايات المتحدة حوارا مصرفيا للقطاعين العام والخاص في خريف عام 2015 لتسهيل المناقشات بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
اعتراض المقاتلين الأجانب: اتفقت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز الجهود المشتركة التي تهدف إلى تحديد وتبادل المعلومات حول المشتبه بهم من المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
كما أنهم سيعملون معا لتنفيذ نظم فحص المسافر وتعزيز القدرة على جمع القياسات الحيوية، وتبادل أفضل الممارسات لجعل الأمر أكثر صعوبة على الإرهابين في تجنب الكشف في أي مطار دول مجلس التعاون الخليجي.
البنية التحتية الحرجة والأمن المعلوماتي: ستتشاور الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن مبادرات الأمن المعلوماتي وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بشأن السياسة المعلوماتية، واستراتيجية، والاستجابة للحوادث. كما ستقوم الولايات المتحدة بمد دول مجلس التعاون الخليجي بمساعدة أمنية إضافية، وإعداد التدريبات للأمن المعلوماتي العسكرية، وورش عمل السياسة الوطنية، وتحسين تبادل المعلومات.
مكافحة التطرف العنيف: ستقدم الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الدعم المالي للمبادرات متعددة الأطراف لمواجهة التطرف العنيف. وفي هذا السياق، عرض قادة دول مجلس التعاون الخليجي استضافة مؤتمر للقيادات الدينية، وهو الأمر الذي يهدف إلى تعزيز لجهود من شأنها فضح الطبيعة الحقيقية لتنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى.
مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل: تصمم دول مجلس التعاون على تسريع الجهود المبذولة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، فضلا عن الأسلحة التقليدية المتقدمة من خلال تعزيز ضوابط وطنية على المواد والتكنولوجيات الحساسة من حيث الانتشار.
الأمن الإقليمي (مبادئ مشتركة حاكمة لجهود حل الصراعات الأهلية المسلحة)مع تأكيد المجتمعون على اهتمامهم المشترك، بالتوترات الإقليمية المتصاعدة وحل الصراعات الأهلية المسلحة، وتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المتضررين من الصراع، عبر المجتمعون عن اعتقادهم بأن الصراعات في المنطقة بما في ذلك سوريا والعراق واليمن، وليبيا، تتسبب في تأكل أجهزة الدولة، وخلق مساحات غير محكومة، وتعزز الطائفية، وكلها أمور تخدم الإرهابيين والجماعات المتطرفة الأخرى، وتهدد مباشرة المصالح الأمنية المشتركة.
وبحسب البيان، فإن المجتمعين "اتفقوا على مجموعة من المبادئ المشتركة، بما في ذلك اعتراف مشترك بأنه لا يوجد حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة، والتي يمكن فقط حلها من خلال الوسائل السياسية والسلمية واحترام سيادة جميع الدولي وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية والحاجة لحكومة شاملة في المجتمعات التي تعاني من صراع، وكذلك حماية جميع الأقليات وحقوق الإنسان".
العلاقة مع إيران: استعرض المجتمعون "المفاوضات بين مجموعة ٥ + ١ وبين إيران، وأكدوا أن الصفقة القابلة للتحقق الشامل والتي تعالج المخاوف الإقليمية والدولية بشأن البرنامج النووي، في مصلحة أمن دول مجلس التعاون وكذلك الولايات المتحدة والمجتمع الدولي".
كما أعلنوا معارضتهم لـ"نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة وسوف يعملوا معا لمواجهة تلك النشاطات"، وشددوا "على ضرورة انخراط إيران في المنطقة وفقاً لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام السلامة الإقليمية بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وطالب المجتمعون إيران بـ"اتخاذ خطوات ملموسة وعملية لبناء الثقة وتسوية الخلافات مع جيرانها بالطرق السلمية".
مواجهة تنظيمي "داعش" و"القاعدة"قرر المجتمعون، وفق البيان الختامي، تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، خاصة تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، بما يشمل إحباط الهجمات مع التركيز على حماية البنية التحتية، وتعزيز التدابير الأمنية في الحدود والطيران، ومجال مكافحة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، واعتراض المقاتلين الأجانب، ومواجهة التطرف العنيف بكافة أشكاله.
وأكدوا التزامهم بمساعدة الحكومة العراقية والتحالف الدولي في القتال ضد داعش، وشددوا على أهمية تقوية العلاقات بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والحكومة العراقية، على أساس مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدولة.
سوريا: أعلن المجتمعون التزامهم بـ"مواصلة العمل لإيجاد حل سياسي مستدام في سوريا ينهي الحرب ويشكل حكومة شامل تحمي الأقليات العرقية والدينية، ويحافظ على مؤسسات الدولة".
وأكدوا أن "(رئيس النظام السوري بشار) الأسد فقد شرعيته كلها وأنه ليس له دور في مستقبل سوريا. ودعموا بشدة الجهود المتزايدة للحط من قدرات داعش في سوريا وتدميرها في نهاية الأمر".
وحذروا "من تأثير الجماعات المتطرفة الأخرى مثل النصرة التي تمثل خطراً على الشعب السوري والمنطقة والمجتمع الدولي"، معبرين عن "قلقهم العميق إزاء استمرار تدهور الوضع الإنساني في سوريا. وأدانوا منع توزيع المساعدات على السكان المدنيين من قبل نظام الأسد أو أي طرف آخر".
اليمن: أكد المجتمعون على "ضرورة بذل جهود جماعية لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وأكدوا الحاجة للانتقال السريع من العمليات العسكرية إلى العملية السياسية، من خلال مؤتمر الرياض تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي (يعقد ١٧ من مايو / آيار الحالي) والمفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة القائمة على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بذلك".
وأكدت الولايات المتحدة التزامها بالمشاركة مع أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم من أعضاء المجتمع الدولي، في السعي لمنع إمداد قوات الحوثيين وحلفائهم.
ليبيا: قرر القادة التحرك لإقناع جميع الأطراف الليبية بقبول اتفاق شامل لتقاسم السلطة، على أساس المقترحات المقدمة من الأمم المتحدة والتركيز على مواجهة الوجود الإرهابي المتنامي في البلاد.
فلسطين: أكدت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس اتفاق سلام شامل وعادل ودائم ينتج عنه قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل.
وتحقيقا لهذا الهدف، أكدوا على أهمية مبادرة السلام العربية لعام 2002 والحاجة الملحة للأطراف لتحقيق حل الدولتين.
وقرر المجتمعون مواصلة الوفاء بالتعهدات التي أعلنت لإعادة إعمار قطاع غزة، وتشمل التعهدات التي قدمت في مؤتمر القاهرة في أكتوبر/تشرين أول 2014.
لبنان: أعرب القادة عن قلقهم إزاء التأخير في انتخاب رئيس جديد للبنان، ودعوا جميع الأطراف إلى تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية، وأكدوا على الأهمية الحاسمة لمجلس النواب اللبناني للمضي قدما لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفقا للدستور.
وأكد القادة تصميمهم على دعم حكومة لبنان في مقاومته لتنظيمي داعش والنصرة الذين يهددان الأمن والاستقرار في لبنان.
وفي وقت سابق، عُقدت القمة الأمريكية الخليجية بمنتجع كامب ديفيد، شمال غرب الولايات المتحدة، بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي، يتقدمهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين، وفهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان.
الأناضول
لا يوجد وسوم لهذا الموضوع.