«التحالف الرباعي» يعمق الشرخ المذهبي في العراق
«التحالف الرباعي» يعمق الشرخ المذهبي في العراق
صحيفة الشرق الاوسط / في وقت تبذل فيه لجان متخصصة في رئاستي الجمهورية والوزراء، وبالاتفاق مع جهات إقليمية ودولية من ضمنها الأمم المتحدة جهودا من أجل عقد مؤتمر شامل للمصالحة الوطنية في العراق، فإنه وطبقا للمواقف المتعارضة بين التحالفين الشيعي والسني من التحالف الرباعي بين العراق وإيران وروسيا وسوريا، فإن الانقسام بين تأييد شيعي للتحالف ورفض سني له بات، طبقا لسياسيين ومراقبين عراقيين، يهدد جهود المصالحة.
فبعد يومين من إعلان المرجع السني البارز في العراق الشيخ عبد الملك السعدي رفضه لهذا التحالف الذي يهدف إلى القضاء على المسلمين من أهل السنة وتصفيتهم في العراق وسوريا واليمن بذريعة محاربة «داعش» والقضاء على الإرهاب، على حد وصفه في البيان الصادر عن مكتبه، أعلن نائب الرئيس العراقي المقال وزعيم ائتلاف «متحدون» أسامة النجيفي رفضه لهذا التحالف ولأي تحالف مماثل له بسبب ما عده عملية تعميق للصراع في البلاد. وحسب ما صدر عن مكتبه فإن النجيفي ولدى استقباله لسفيرين أميركيين سابقين في العراق وسوريا «أكد أن ائتلافه ضد تشكيل أية تحالفات جديدة مع روسيا أو أية دول أخرى»، لافتًا إلى أن ذلك «سيزيد من حدة الصراع ودفعه في اتجاهات قد تؤدي إلى حروب يكون ضحيتها الشعبان العراقي والسوري». وأضاف البيان أن «النجيفي تحدث عن أوضاع العراق والمنطقة والحرب ضد الإرهاب وتطورات المواجهة مع تنظيم داعش الإرهابي، والخطوات الحالية لتحقيق الإصلاحات والمصالحة الوطنية، فضلا عن التدخل الروسي، والدور الإيراني». وأوضح البيان أن «النجيفي أشار إلى موضوع التلكؤ في مسار العملية السياسية»، مشددا على أن «الحرب ضد الإرهاب تحتاج إلى استقرار سياسي ومصالحة وطنية، وتحقيق توازن ضامن لسير المصالحة».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي السابق والمفكر العراقي حسن العلوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التحالف خضع للعامل الطائفي، وهو أمر تكرر في الماضي عبر التاريخ في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر في سلسلة الحروب الأهلية التي وقعت هناك وأدت إلى خسائر بشرية مذهلة، حيث كان سكان ألمانيا آنذاك 18 مليونا، لكنهم انتهوا إلى 4 ملايين فقط».
وأضاف العلوي أن «الصراع الطائفي أقوى في العراق اليوم؛ إذ إنه يتسيد الساحة ويتأثر بأي تحول في السياسة الدولية والإقليمية»، مشيرا إلى أن «من بين صور وتجليات هذا الانقسام الطائفي أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بات من حصة السنة، بينما الروسي فلاديمير بوتين من حصة الشيعة». وأوضح العلوي أن «الولايات المتحدة الأميركية تريد مراجعة سياستها حيال السنة ليس في العراق، وإنما في العالمين العربي والإسلامي بسبب ما بات يقال إنها تستهدف السنة الذين يمثلون 90 في المائة من المسلمين باسم محاربة (القاعدة) وفيما بعد تنظيم داعش، لذلك سمحت لإيران بمواجهة (داعش) في العراق وسوريا رغم ما قد يسببه ذلك من خلافات ذات طابع مذهبي، علما بأن السنة المتضرر الأكبر من (داعش) والإرهاب».
وردا على سؤال حول التمدد الروسي في المنطقة وتصويره في صيغة هزيمة لأميركا ومشروعها في المنطقة، قال العلوي إن «هذا التصور غير صحيح؛ إذ إنه ليس من مصلحة روسيا التمدد لأن من شأن ذلك أن يكلفها كثيرا، وهو ما لا تقدر عليه، فضلا عن أن كل ما يدور هو جزء من الاتفاقات السرية بين الطرفين، وكذلك جزء من ترتيبات الاتفاق النووي الأميركي - الإيراني مع وضع خطوط حمراء ليس بالإمكان تجاوزها حتى من قبل روسيا، التي من المتوقع أن تتوقف ضرباتها في غضون أربعة أشهر من الآن».
وحول الانقسام السني - الشيعي في العراق حيال هذا الاتفاق، قال العلوي إن «العراق أخذ بالنموذج اللبناني، حيث هناك قوى مدنية لكنها تملك سلاحا أقوى من الدولة وهو ما نجده اليوم في العراق؛ إذ إن كتلا وفصائل وميليشيات هي أقوى من الحكومة»، مبينا أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي جاء إلى السلطة وهو مكبل اليدين من قبل هذه القوى الأكثر قوة؛ إذ إنه بلا قرار سياسي ومنزوع العضلات».
من جهته، أكد القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي أنه «في الوقت الذي يجري فيه الإعداد لمصالحة وطنية يراد لها أن تكون مختلفة، فقد جاء التحالف الرباعي ليكشف ما تعانيه من ثغرات وعيوب وأهمها عدم وجود إرادة حقيقية لمن يتصدى لهذا المشروع الذي قيل عنه الكثير منذ 12 عاما دون فائدة». وأضاف العبيدي أن «المصالحة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود طرفين بينهما تكافؤ وليس بوجود طرف يعتقد أنه هو الأقوى ويملك السلطة والنفوذ، وبالتالي لا بد من حصول توازن حتى على صعيد القوة بوجود ضامن لذلك».