مشروع فتنة في كركوك: تصفيات جسدية ومتهمون عراقيون وأجانب
مشروع فتنة في كركوك: تصفيات جسدية ومتهمون عراقيون وأجانب
إربيل ــ العربي الجديد / يتهم مسؤول في محافظة كركوك العراقية ذات الخليط السكاني المتنوع قومياً وطائفياً، والواقعة على بعد 280 كيلومتراً شمال العاصمة العراقية، بغداد، أطرافاً داخلية وإقليمية بالسعي لخلق فتنة في المحافظة من خلال استهداف شخصيات من مكونات عربية وكردية وتركمانية.
وقال رئيس مجلس محافظة كركوك، ريبوار الطالباني، لـ"العربي الجديد"، إن "اغتيال الشخصيات البارزة من مكونات مختلفة، صفحة جديدة من مخطط لخلق الفتنة وتفجير الأوضاع في المحافظة"، موضحاً أن "هناك مخططات إقليمية لخلق الفرقة في كركوك من خلال اغتيال الشخصيات فيها".
وشهدت المحافظة الغنية بالنفط أخيراً عمليات استهداف طاولت شخصيات بارزة عربية وكردية وتركمانية على يد جماعات مسلحة مجهولة. وتتهم القوى التركمانية والعربية جماعات موالية لإيران بالوقوف وراء تلك العمليات، فيما تتهم جهات كردية من تصفهم بالشوفينيين من القوميات الأخرى بالوقوف وراء تلك العمليات.
وطالبت شخصيات من القومية التركمانية، أخيراً، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل لحمايتهم وحماية التمثيل التركماني في كركوك بعد موجات اغتيال لرموزهم ومحاولات تغيير ديموغرافي.
في المقابل دعت طائفة الفيلية، وهم من الأكراد الشيعة، السفير الإيراني لدى بغداد، حسن دناني فر، مساعدتهم في تشكيل جماعة مسلحة لحماية مناطقهم في كركوك. في هذه الأثناء، عزّزت قوات "البيشمركة" الكردية من حمايتها للأكراد بالمدينة، فيما وجد العرب في كركوك أنفسهم على أرض هشة بسبب ضعف القوات النظامية الاتحادية التابعة لبغداد.
وتفجرت الأوضاع في كركوك عقب غزو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مساحات واسعة، واحتلال بلدات ومدن عدة من المحافظة، أهمها الحويجة والرياض وحوران وأم الخناجر وغيرها. بينما ظلت عاصمة كركوك المدينة بقبضة "البيشمركة" عقب خسارة الجيش العراقي وفراره من غالبية مناطق تواجده إثر هجمات "داعش"، ونجحت البيشمركة بدعم أميركي في السيطرة على المدينة وإدارة شؤونها الأمنية.
وحمّل عضو البرلمان العراقي عن عرب كركوك، خالد المفرجي، الأجهزة الأمنية بالمحافظة مسؤولية عمليات الاستهداف التي تطاول رموزاً وشخصيات من المكون العربي بالمحافظة. واعتبر أن اغتيال نائب رئيس محكمة استئناف كركوك، القاضي ابراهيم العبيدي الأسبوع الماضي، وقبله بأسابيع اغتيال رئيس مجلس قضاء الحويجة حسين علي صالح الجبوري، يؤكدان وجود مسلسل لاستهداف الرموز العربية بكركوك.
وقامت الكتلة العربية بمجلس محافظة كركوك بمقاطعة أعمال المجلس أخيراً ردّاً على ازدياد عمليات اغتيال الشخصيات العربية.
وقد وُجهت اتهامات لمجلس محافظة كركوك بعدم الاهتمام بمساءلة الأجهزة الأمنية في المحافظة على خلفية عدم تعقب واعتقال منفذي عمليات اغتيال الشخصيات في كركوك. لكن رئيس مجلس محافظة كركوك، ريبوار الطالباني، دافع عن أداء المجلس في الملف الأمني في حديثه لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "قمنا باستدعاء المسؤولين الأمنيين للمجلس وسنواصل ذلك". ويتولى الأكراد المناصب المهمة في كركوك، وخصوصاً في المجال الأمني، إضافة إلى تسلم قوات البيشمركة ملف تأمين الوضع في المحافظة منذ منتصف العام الماضي عقب سيطرة "داعش" على مناطق واسعة في شمال العراق وتراجع دور الجيش العراقي في المحافظة. وقد أدى ذلك إلى حصر الاتهامات بالمكوّن الكردي في الملف الأمني والوقوف خلف أي خروق أمنية تقع في المحافظة كما في حالة ملف الاغتيالات ضد المكون العربي. في الإطار، قال الطالباني إن "قوات البيشمركة ستبقى بمواقعها لتأمين الوضع في كركوك"، وإن "أهالي المحافظة لن يقبلوا بمغادرة قوات البيشمركة". وتحدثت مصادر كردية في كركوك عن وجود خطة مشتركة لقيادات في الجيش الأميركي المتواجد في العراق والجيش العراقي لإعادة هيكلة قوات الجيش العراقي في كركوك وإعادة نشره في المحافظة من جديد. إلا أن فكرة إعادة هيكلة الجيش ونشره تُواجه برفض كردي، وخصوصاً أن الخطة تتضمن إخلاء قوات البيشمركة لأبرز مواقعها في المحافظة في قاعدة "كي وان" التي كانت مقرّاً للفرقة 12 بالجيش العراقي قبل يونيو/ حزيران 2014. وترغب بغداد، بدعم من الجيش الأميركي، في البدء بحملة تأسيس تشكيلات جديدة في الجيش العراقي من أبناء كركوك، وهذه الفكرة هي موضع ترحيب من العرب والتركمان، لكنها غير مرحب بها من الأكراد الذين يتطوعون في العادة في صفوف قوات البيشمركة. وتُعد كركوك من المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية ببغداد، إذ يطالب الإقليم بضمها بذريعة كونها ذات غالبية سكانية كردية، وهو ما ترفضه بغداد. وقد أدرج الدستور العراقي الذي تمت المصادقة عليه في استفتاء عام 2005 قضية المناطق المتنازع عليها ضمن مادته 140 ووضع خطة من ثلاث مراحل لحل مشكلتها تبدأ بتطبيع الأوضاع في تلك المناطق ثم إجراء إحصاء للسكان فيها، وأخيراً إجراء استفتاء لمعرفة رأي السكان، فيما إذا كانوا يفضلون الانضمام لإقليم كردستان أو البقاء مع بغداد أو الذهاب لخيارات أخرى.