الرئيس معصوم: دستور العراق لم يكتبه الأمريكان
الرئيس معصوم: دستور العراق لم يكتبه الأمريكان
كشف الرئيس العراقي فؤاد معصوم لـ«الشرق الأوسط» أن سياسيين عراقيين كانوا قد عارضوا زيارته إلى السعودية، العام الماضي، التي أسفرت عن قيام الرياض بإعادة فتح سفارتها في بغداد، وتسمية السفير وطاقم السفارة.
وقال معصوم ردًّا على سؤال بشأن مباشرة السفير السعودي في بغداد وطاقم السفارة، إنهم ينتظرون أن تباشر السفارة السعودية عملها بعد عيد الأضحى، بعد منح التأشيرات لطاقم السفارة السعودية من قبل السلطات العراقية.
وفجر الرئيس معصوم خلال استقباله مجموعة من الكتاب والمحللين السياسيين والأمنيين في العراق معلومة ضد طبقة السياسيين العراقيين، إذ أعلن أنه حينما قرر زيارة السعودية العام الماضي للقاء الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لفتح آفاق جديدة في العلاقة بين البلدين، واجهته معارضة شديدة من قبل بعض السياسيين العراقيين، الذين رفض الإشارة لهم أو تسميته، مكتفيا بأنهم يعرفون أنفسهم.
وأضاف الرئيس معصوم أنه وجد دعمًا كبيرًا من المراجع الدينية لتلك الزيارة، وقال: «توجهت إلى النجف، والتقيت المرجع الأعلى علي السيستاني وبقية المراجع هناك الذين أجمعوا على أهمية تلك الزيارة، وضرورة الانفتاح على دول الجوار وبالذات دول الخليج العربية».
وبين الرئيس معصوم أن رؤية المرجعية الدينية كانت متقدمة على رؤية الكثير من رجال الطبقة السياسية، حيث أكدوا أهمية الانفتاح على الدول العربية، وكذلك إيران وتركيا، وهو الأمر الذي عمل عليه الرئيس معصوم، وبدأ بالترتيب مع السلطات السعودية لإعادة افتتاح سفارتها في بغداد، وتسمية السفير، والإعلان عن مباشرتهم العمل في بغداد بعد عطلة العيد حيث كان الأمر تأخر بعض الشيء بسبب التغييرات التي حصلت في السعودية».
وأوضح الرئيس معصوم أن «اللقاء الذي جمعه مع الملك عبد الله، وكذلك مع الأمير مقرن ولي ولي العهد آنذاك، والراحل سعود الفيصل، كان إيجابيًا حيث كانت السعودية قد قدمت قبل زيارتنا لها مساعدات للعراق بشأن النازحين تبلغ 500 مليون دولار»، مما اعتبره موقفًا مشرفًا من الرياض لمساعدة العراق، ورغبة الرياض في مساعدة بغداد في المحنة التي تمر بها.
وأشار معصوم إلى أن انفتاح العراق على دول الخليج وإن تأخر مهم جدا لتكون في دائرة محيطها العربي، وقال: «حين قمت بزيارة دولة قطر ترتب على الأمر تسمية السفير القطري، وهو ما يعني أن علاقتنا مع أشقائنا في دول الخليج قد حققت نتائج مهمة، وهو ما يجعلنا أكثر حرصا على تنمية هذه العلاقات وإدامتها بما ينسجم مع مصلحة كل الأطراف في المنطقة»، مشيرا إلى أن ما يجمع العراق مع جيرانه صلات مشتركة، من أهمها الحرب على الإرهاب وتنظيم داعش الذي بات يشكل خطرا على الجميع.
وحول الأوضاع الحالية في العراق قال الرئيس معصوم: «المظاهرات الحالية في البلاد كانت ضرورية لإيقاظ السياسيين من سباتهم الطويل، نظرًا للأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد، يضاف إلى ذلك تأييد المرجعية الدينية لهذه المظاهرات، الأمر الذي منحها زخمًا كبيرًا.
وأشار معصوم إلى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي «لم يتشاور معنا فيما أقدم عليه من حزم إصلاحات، لكنها كانت ضرورية بهدف تحقيق مراجعة شاملة لكل شيء لا سيما أننا نمر في أوضاع بات من الصعب التعامل معها، دون إحداث مراجعة جادة لكل شيء، وفي مقدمة ما نعانيه من مخاطر هو الخطر الذي تمثله (داعش) في احتلالها لمساحات واسعة من العراق».
وأعرب معصوم عن قناعته بأن «هذا الخطر لا يزول دون حصول مصالحة حقيقية بين الأوساط السياسية والشعبية في العراق، كون (داعش) أدى إلى حصول انقسام مجتمعي خطير بحيث وصلت الانقسامات إلى كل الأماكن».
وأعلن معصوم عن وجود مشروع متكامل للمصالحة بين الأطراف العراقية تم الانتهاء منه، ومن المتوقع أن يتم طرحه بعد العيد ليكون هنالك مفهوم للمصالحة مع كل الفئات الداخلية، ويتضمن رؤية شاملة، خصوصا بعد أن تم حصر موضوع المصالحة بيد الرئاسات الثلاث بعد أن كان مشتتا بين عدة جهات.
وأكد الرئيس معصوم أن النقاش حول المصلحة الوطنية طوال السنوات العشر الماضية كان مجرد كلام لا طائل منه، وكان أشبه بالجدل البيزنطي، وأشار إلى أن الدعوات بإلغاء الدستور وما يرافقها من شعارات في المظاهرات كل يوم جمعة غير منصفة وقال: «الدستور العراقي الحالي رغم كل ما يقال بشأنه من ملاحظات هو الوثيقة الوحيدة الجامعة بين العراقيين، وفي حال تم إلغاء الدستور فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن أي عراق يمكن أن نتحدث»، نافيا ما يقال إن الدستور الحالي «كتبه الأميركان».
وفي حادثة أخرى فيما يخص الدستور، ذكر الرئيس معصوم أنه حينما أرادوا كتابة الدستور، وجدوا معارضة من السيستاني للإسراع في كتابته قبل إجراء انتخابات، وقال معصوم: «ذهبنا نحن الجهة المكلفة بكتابة الدستور إلى السيستاني لمعرفة رؤيته بهذا الشأن فقال لنا: (ولماذا أنتم مستعجلون في كتابة الدستور في وقت لم تحلوا مشكلاتكم بينكم)، قائلا إن العراق صار له 35 سنة بلا دستور ثابت فبإمكانكم الانتظار أربع أو خمس سنوات لكتابة دستور جديد، شريطة أن يكون من قبل جهة عراقية منتخبة».
ولم يكشف الرئيس معصوم الأسباب التي لم تجعل الكتل السياسية تقبل بنصيحة السيستاني، مكتفيا بالقول: «جرى انتخاب الجمعية الوطنية المؤقتة التي كان أمدها سنة، ومهمتها كتابة الدستور، وهو ما حصل بالفعل»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «التمثيل السني في لجنة كتابة الدستور لم يكن مناسبا لحجم العرب السنة في العراق». وبشأن ما إذا كان يؤيد تشكيل حكومة طوارئ قال معصوم إن «تشكيل حكومة طوارئ في الوقت الحالي لن يؤدي الغرض المطلوب، بل ما يجب عمله هو تأييد الحكومة الحالية التي يرأسها العبادي لتحقيق الإصلاحات الشاملة».