ظاهرة الاختطاف تعكس قصور بغداد في مواجهة نفوذ الميليشيات
ظاهرة الاختطاف تعكس قصور بغداد في مواجهة نفوذ الميليشيات
ميدل ايست أونلاين/ بغداد ـ تكشف عمليات الخطف المتواترة في العراق عن تعاظم دور الميليشيات التي أصبحت تتحرك بحرية تامة دون رادع قانوني في مؤشر على ضعف سلطة الدولة وعدم قدرتها على التصدي لهذه الجهات الخارجة عن القانون.
وتبين عمليات الاختطاف التي طالت عمالا أتراكا في بغداد وآخرين عراقيين في صلاح الدين أن الانفلات الأمني بلغ ذروته في العراق خاصة مع القدرة الكبيرة لهذه الميليشيات على تنفيذ مخططاتها.
وفي محافظة صلاح الدين التي تسيطر ميليشيات شيعية على أجزاء واسعة منها منذ استعادتها قبل أشهر من يد تنظيم الدولة الاسلامية، قام حوالي خمسين مسلّحا يرتدون لباسا أسود موحّدا ويستقلون 20 سيارة دفع رباعي ويحملون أسلحة متطورة بإغلاق طريق بغداد-الدجيل وتجريد ضباط وجنود الجيش والشرطة من أسلحتهم وهواتفهم النقالة واختطفوا 42 شخصا كان يجري نقلهم إلى بغداد بعد أن ظلوا معتقلين في سجن محلي بتهمة الإرهاب.
وفي وقت سابق أعلنت شركة "نورول" التركية القابضة، أن "18 من عمالها اُختطفوا فجر الأربعاء، في العاصمة العراقية بغداد".
واتهم تحالف القوى العراقية، أكبر ائتلاف للسنة في البرلمان العراقي "ميليشيات مسلحة" بالوقوف وراء الحالات المتزايدة لعمليات الخطف في العاصمة بغداد، محملًا رئيس الوزراء حيدر العبادي وقادة الأجهزة الأمنية مسؤولية "الانفلات الأمني".
ويرى مراقبون أن ظاهرة الاختطاف تبين أن السلطات العراقية تبدو ضعيفة أمام سطوة الميليشيات التي تحاول ممارسة دور رئيسي في المشهد العراقي.
وأكد هؤلاء أن الميليشيات تهدد الحكم المدني في العراق وتلقي الضوء على أن المصالح الطائفية تقوض الاستقرار في البلاد.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف القوى أحمد المساري في بيان إن "هذه الجرائم تأتي متزامنة مع التظاهرات الغاضبة احتجاجًا على تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري، وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وانعدام الخدمات في ظل غياب إصلاحات حقيقية تستجيب لمطالب المتظاهرين المشروعة".
وأعرب المساري عن إدانته لـ"عمليات الخطف التي استهدفت علماء دين وشخصيات اجتماعية وشبابًا من مكون بعينه في إشارة الى السنة من قبل ميليشيات مسلحة تستقل سيارات رباعية الدفع".
وحذّر من "استمرار جرائم الاختطاف في وضح النهار وأمام مرأى ومسمع القوات الأمنية"، معتبرًا أن "هدف من يقوم بتلك الجرائم تحويل الأنظار عن مطالب المتظاهرين ومنع رئيس الحكومة من اتخاذ قرارات حقيقية وفاعلة لإحداث التغيير المنشود، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد وتوفير الحياة الحرة الكريمة لأبناء شعبه".
وحمل المساري، رئيس الوزراء حيدر العبادي وقادة الأجهزة الأمنية مسؤولية الانفلات الأمني في بغداد والذي يشجع الميليشيات السائبة على التمادي في جرائمها وإشغال الحكومة عن معركتها الأساسية في التصدي لعصابات الدولة الاسلامية الإرهابية التي تحتل أجزاءً كبيرة من أرض العراق والاستجابة لحقوق المتظاهرين.
ولم يشر المساري إلى أسماء تلك الميليشيات، لكن فصائل شيعية مسلحة استأنفت نشاطاتها العلنية في العراق منذ صيف العام 2014 في أعقاب سيطرة الدولة الاسلامية على شمال وغرب البلاد وإصدار المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني فتوى لمقاتلة المتشددين السنة.
وشكلت الفصائل الشيعية ومتطوعون يغلب عليهم الشيعة الحشد الشعبي لمحاربة التنظيم المتشدد وتواجه اتهامات بإعدام السنة ميدانيًا وإحراق دورهم السكنية والمساجد، بينما يرفض القائمون على الحشد تلك الانتهاكات ويقولون إن "فئات ضالة" تقف وراءها.