قادة مليشيات العراق يسعون لمصادرة الحراك الشعبي
قادة مليشيات العراق يسعون لمصادرة الحراك الشعبي
بغداد ــ العربي الجديد ...يحاول قادة في مليشيات "الحشد الشعبي" توظيف النجاح النسبي الذي حققه الحراك الشعبي ضد الفساد في العراق، ومصادرة مكاسبه للضغط على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لتحقيق مكاسب سياسية، بعد اتساع رقعة الرفض للجرائم التي تتهم بالوقوف خلفها في العراق، وانتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما يسعى قادة الحراك من الناشطين المدنيين إلى التصدي له.
وشهد أمس الأحد أحدث فصول جهود قادة المليشيات لـ "قطف" الحراك الشعبي الذي يتخذ من "طفح الكيل" شعاراً له، على خلفية الأزمة المستعصية لخدمات الكهرباء والماء في البلد الثري بموارده الطبيعية. وقد أعلن زعيم مليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، عن تشكيل ما سماه "الحشد الشعبي المدني لقيادة وتوجيه التظاهرات في العراق"، داعياً، في بيان، العراقيين لـ "الخروج والمشاركة" في ما وصفه "الحشد الشعبي المدني" ليكون مسانداً لـ "الحشد العسكري" في ساحات القتال ضد تنظيم "داعش"، مطالباً "بالتصدي لدواعش الفساد والانحراف السياسي بالعراق". وتوعد الخزعلي أن تطالب التظاهرات بـ "إصلاحات جذرية وليس فرعية، وبتعديل نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي"، وحذر من "المندسين الذين يحاولون الإساءة إلى التظاهرة"، داعياً لأن تكون الاحتجاجات حضارية وواعية وهادفة ومؤثرة" على حد تعبيره.
ومطلب تحويل النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي، مثلما كان قبل احتلال العراق 2003، يثير مخاوف طائفية عديدة في بلاد الرافدين. ولاقى بيان الخزعلي مخاوف كبيرة من قبل القائمين على التظاهرات في بغداد وباقي مناطق جنوب العراق، معتبرين أنه خطير لناحية احتمال ضربها ونزع ثوب العفوية والشعبية عنها، وتحويلها إلى سياسية تستفيد منها أطراف محسوبة على نائب الرئيس نوري المالكي في معركته لإسقاط حكومة العبادي. وقال أحد منظمي الحراك في بغداد قيس فاضل لـ "العربي الجديد" إن "هذه (كلام الخزعلي) خطة بل مؤامرة لإفساد التحركات، ونحن لم نطالب قادة الحرب والخراب بالتدخل، فجزء كبير من تظاهراتنا ضدهم وهم سبب الفساد أولاً وأخيراً، تراهم وجوها بالسياسة وأخرى بالعمل المسلح". وتعهد فاضل بأنه في حال تحولت التظاهرات "إلى وجه مليشياوي طائفي فسنوقفها ونقاطع من يكون معها".
من جانبه، قال عضو مليشيا " العباس" أبو الحمزة الكربلائي لـ "العربي الجديد" إنه شارك بتظاهرات الجمعة في ساحة التحرير، مبيناً أنه تلقى وعدد من زملائه أوامر من مراجعه العليا بالتوجه إلى ساحات التظاهر في بغداد والبصرة والنجف، للمشاركة في الحراك الشعبي ضد الظلم والفساد.
وتشير محاولات بعض فصائل "الحشد الشعبي" للمشاركة في الحراك ضد الفساد الحكومي، إلى محاولات أنصار المالكي الإطاحة بحكومة العبادي للعودة إلى الحكم بحسب المحلل السياسي أركان الشيخلي، الذي يؤكد لـ "العربي الجديد" أن المالكي استغل نفوذه على مليشيا "العصائب" والفصائل المقاتلة الأخرى، ليحاول زجها في ساحات التظاهر للحصول على مكاسب قد تعيده إلى سدة الحكم. وحذر الشيخلي من انزلاق الاحتجاجات إلى الفوضى إذا أسيء استخدامها وجُيرت لصالح أحزاب وائتلافات معينة، على حد تعبيره.
وشهدت بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية تظاهرات احتجاجاً على تردي الخدمات ونقص الطاقة الكهربائية. كما شهدت محافظة البصرة مقتل وإصابة خمسة أشخاص باشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، بعد محاولة المحتجين اقتحام مركز للشرطة، ودخول مقر لكتلة المواطن التي يتزعمها رجل الدين العراقي عمار الحكيم، وأحرق المتظاهرون عدداً من مخازن الكهرباء ومحطات توليد الطاقة.
وفي سياق متصل كشف مصدر في مجلس محافظة البصرة عن وجود خلافات عميقة بين مليشيات "الحشد الشعبي" بسبب التظاهرات التي شهدتها المحافظة، مؤكداً خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن مليشيا "عاشوراء" التابعة لكتلة المواطن البرلمانية التي ينتمي إليها المحافظ ماجد النصراوي، اعترضت على مشاركة "عصائب أهل الحق" في الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإقالة المحافظ. وأوضح المصدر الذي لم يكشف عن هويته، أن عدداً من عناصر المليشيات كانوا بين المحتجين الذين حاولوا اقتحام مقر كتلة المواطن، لافتاً إلى تدخل عناصر مسلحة من مليشيا "عاشوراء" لمنع عملية الاقتحام.
وفي السياق، دعا القيادي في كتلة المواطن فادي الشمري، إلى "إبعاد الخلافات السياسية عن دماء المقاتلين الذين يدافعون عن العراق".
