العراق.. جسر الشعلة “طريق الموت” للمواطنين السنة
العراق.. جسر الشعلة “طريق الموت” للمواطنين السنة
الخليج أونلاين ... لم يعد جسراً للمرور بل تحول إلى جسر يوصل إلى الموت، بالنسبة لما يراه المواطنون "السنة" في العراق، وهم يعتقدون أن "الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود"، ذلك هو جسر "الشعلة" الواقع في شمال غربي بغداد، الذي يعد الطريق الرئيسي الرابط لمناطق مختلفة، وهو كذلك يتصل بالطريق المتجه إلى المحافظات الشمالية.
جسر الشعلة يقع تحديداً في منطقة الشعلة، ذات الأغلبية الشيعية، التي تعد مصدراً مهماً لإمداد المليشيات بالمقاتلين، خاصة عصائب أهل الحق وسرايا السلام.
عبور هذا الجسر فيه معاناة كبيرة جداً بالنسبة لـ"السنة"، كما يَرَونَها؛ فعمليات الخطف والاعتقال لسالكيه باتت تحدث بشكل مستمر، بعد أن غضت القوات الحكومية الطرف عمّا تقوم به تلك المليشيات، بل إن بعضاً من تلك القوات شاركت فعلياً في عمليات خطف تعرض لها مواطنون عراقيون سنة، كما يؤكد ذلك مصدر أمني في جهاز استخبارات الداخلية، رفض الكشف عن هويته.
يقول أحمد الفلاحي، أحد سكنة منطقة التاجي المتصلة بالطريق الرئيسي باتجاه الجسر، لـ"الخليج أونلاين": إن "أغلب الطرق المؤدية إلى العاصمة بغداد من الجهة الشمالية والغربية مقطوعة؛ بسبب العمليات العسكرية فيها، وسيطرة الجماعات المسلحة والمليشيات عليها، وليس هناك سوى هذا الجسر للوصول إلى دوائرنا ومقار عملنا".
وأضاف الفلاحي الذي يعمل موظفاً في مصفى الدورة، جنوب بغداد: "لا يوجد أمامي سوى جسر الشعلة، الذي أطلق عليه سالكوه اسم جسر الموت، للوصول إلى مكان عملي، ومرات عديدة أرى مشاهد قتل لمواطنين تحصل على هذا الجسر في أثناء مروري عليه".
وذكر الفلاحي أن عدة حالات جرى فيها قتل وخطف من قبل المليشيات لسائقي مركبات ومواطنين عند مرورهم على الجسر؛ وليس هناك من سبب سوى "الطائفية"، وفق تأكيده، لافتاً إلى أن ذلك يحدث "أمام مرأى ومسمع القوات الأمنية التي تمر في أثناء وقوع الجريمة، أو تكون موجودة في واجب رسمي على الجسر".
وأشار الفلاحي إلى أن المليشيات "دائماً ما تقوم بنصب سيطرات وهمية قرب نقاط التفتيش الحكومية، وتقوم بتدقيق هويات المارة ومن ثم ملاحقة من ترغب باعتقاله".
وفي السياق ذاته قال سائق سيارة أجرة، يدعى حسن الأوسي: إن "أهل السنة في بغداد، من جانب الكرخ، يتجنبون المرور على جسر الشعلة، بالرغم من أنه الطريق المختصر إلى مناطقهم؛ بسبب سيطرة المليشيات عليه، التي تغيب تارة وتنتشر تارة أخرى، وتنتقي ضحاياها على أساس طائفي، رغم انتشار نقاط التفتيش للقوات الأمنية على ذلك الجسر".
وأضاف الأوسي لـ"الخليج أونلاين": إن "أغلب المواطنين السنة أصبحوا يرددون المثل الشعبي القائل: (امشي شهر ولا تعبر نهر)؛ لتجنب المخاطر التي يعانونها على جسر الشعلة، ويفضلون سلوك طرق وجسور تؤدي إلى الجانب الآخر من بغداد، بالرغم من أن ذلك يأخذ وقتاً يعادل ضعفي ما يستغرقه سلوك جسر الشعلة".
ومن جهته قال مصدر أمني في الشرطة العراقية، طالباً عدم الكشف عن اسمه: إن "المليشيات دائماً ما تقوم بنشر عناصرها على جسر الشعلة في ساعات الصباح الأولى وأوقات الظهيرة من كل يوم، وتقوم بخطف عدد من المواطنين السنة، وذلك بالتعاون مع عناصر في القوات الأمنية؛ بدوافع مادية وطائفية".
وبين أن هذا الطريق (جسر الشعلة) "أصبح لا يشكل فقط خطراً على المواطنين، بل على مستوى المسؤولين في الحكومة العراقية"، لافتاً إلى أن الجسر "شهد أكثر من حالة تعرض لمسؤولين عراقيين، فما بالك بالمواطن البسيط!".