ديمبسي ينصح العبادي بسحب القوات الإيرانية من معركة الأنبار
ديمبسي ينصح العبادي بسحب القوات الإيرانية من معركة الأنبار
لم تمر أكثر من سبعة أيّام على بدء معركة الفلوجة والأنبار، حتى بدأت تظهر تداعيات التراجع العسكري للقوات المشتركة، بعد أن تركت الحكومة العراقية مجالاً واسعاً للتفاؤل بين العراقيين بإمكانية استعادة الأنبار سريعاً، مستعينة بالعدد البشري الهائل للمقاتلين والدعم الإيراني لها ممثلاً بقوات "فيلق القدس" و"الباسيج". وخلال الأيّام السبعة من عمر الهجوم، لم تستطع القوات العراقيّة والمليشيات تحقيق أيّ تقدّم يُذكر، بل على العكس تماماً، إذ أوقعت الهجمات خسائر كبيرة في صفوف "الحشد الشعبي" والجيش، الأمر الذي أجبرها على وقف الهجوم على الفلوجة، ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي للاستعانة برئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي لتدارك الموقف في الأنبار. ووصل ديمبسي مساء السبت إلى بغداد في زيارة غير معلنة، على متن طائرة عسكرية حطت في مطار بغداد الدولي، وكان باستقباله كل من السفير الأميركي ستيوارت جونز ومسؤولين عراقيين. والتقى ليلة السبت، عقب وصوله بساعات قليلة، رئيس الوزراء العراقي، فيما اجتمع صباح أمس الأحد، مع قادة عراقيين ومستشارين بمشاة البحرية الأميركية "المارينز" يتواجدون في بغداد ضمن القوات الأميركية العاملة في إطار دعم القوات العراقية.
وكشف مصدر في التحالف الوطني لـ"العربي الجديد"، عن أنّ "ديمبسي بحث مع العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي، سير المعارك في محافظة الأنبار"، موضحاً أن "العبادي طلب من ديمبسي توجيه النصح لقيادة المعركة في الأنبار وإمكانية استمرارها أو التوقف عنها، في ظل عدم إحراز تقدّم ميداني"، مشيراً إلى أنّ "ديمبسي أكّد للعبادي أنّ المعركة لم يُعدّ لها بشكل صحيح، وأنّها معركة استنزاف للقوات النظامية والحشد الشعبي بسبب تضاريس المحافظة وتمكّن داعش منها". وأضاف المصدر أنّ "ديمبسي نصح بإبعاد القوات الإيرانية عن ساحة الأنبار بسبب الشحن الطائفي الذي سببته تلك القوات، والاعتماد على قوات العشائر في المعركة إلى جانب الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية وإمكانية التنسيق مع عشائر تكريت في المساهمة بالحرب"، مؤكداً أن "ديمبسي وعد بإنهاك داعش وتدمير قوته الصاروخية خلال فترة لا تتجاوز الشهرين بواسطة الضربات الجوية، وخلال ذلك يجب الإعداد لهجوم آخر ذي طابع وطني". وبحسب المصدر، فإن المسؤول الأميركي تلقى إشارات من العبادي بوجود ضغوط هائلة من المليشيات حول توقيت معركة الأنبار وشن الهجوم، إلا أن ديمبسي نصح رئيس الوزراء حالياً بتأمين إضافي للعاصمة بغداد ومنع "داعش" من التقدّم من محورها الغربي لمسافة 20 كيلومتراً ضمن مدى صواريخه محلية الصنع.
وتعليقاً على هذا الموضوع، رأى المراقب السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، عبد الستار الأحمد، أنّ "العبادي لم يتّخذ قرار بدء المعركة، وقد غضّ الطرف عنها ولم يبدِ رفضاً ولا تأييداً لها".
وأوضح الأحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي لم يمتلك زمام المبادرة في معركة الأنبار، وهذه المعركة لم تكن عراقية لا قيادة ولا توقيتاً، وإنّما هي معركة إيرانية بحتة، بدليل أنّ أول من أعلن عن انطلاقها هي مليشيات الحشد الشعبي، ومن ثم أعلنت وزارة الدفاع عن المعركة، كما أنّ المليشيات تحدثت عن معركة الفلوجة، والدفاع عن معركة الأنبار، الأمر الذي يؤشّر إلى عمق الخلاف بين الطرفين"، معتبراً أنّ "كل ذلك وضع العبادي بموقف محرج جداً مع الطرف الأميركي".
وأشار إلى أن "إيران أرادت أن تستبق الدعم الأميركي لعشائر الأنبار وتبدأ معركة الثأر الطائفية في الفلوجة، فيما العبادي أُحرج من الطرفين الإيراني والأميركي، الأمر الذي أفقده السيطرة على اتخاذ القرار الحاسم، ودفعه إلى النأي بنفسه عن كل ذلك والتزام الصمت حينذاك". ورجّح الأحمد أنّ "يأخذ العبادي بنصح ديمبسي ويوقف المعركة التي بدت خاسرة منذ بدايتها، خصوصاً أنّه ترك لنفسه خطاً للعودة من خلال عدم تبنيه الإعلان الرسمي عن انطلاقها"، مشيراً إلى أنّ "إيران أيضاً ستوافق على قرار وقف المعركة بعد أن أيقنت فشلها"، معتبراً أنّ "كل ذلك يؤشر إلى أنّ الصراع في العراق هو صراع دولي بحت، وأنّ العراقيين هم ضحية ذلك".
يُذكر أن مليشيات "الحشد الشعبي" أعلنت فجر الـ13 من يوليو/ تموز الحالي، انطلاق معركة الفلوجة، وفي ظهيرة اليوم نفسه أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن انطلاق معركة تحرير الأنبار، فيما لم يتبنّ العبادي الإعلان الرسمي عنها حتى اليوم، الأمر الذي دفع للتشكيك بالقدرة على استمرار بالمعركة.
بغداد ــ صفاء عبد الحميد- العربي الجديد